الحياة في أحضان الموت.. معضلة الألغام في كردستان إيران
بعد مرور أكثر من ثلاثين عامًا على انتهاء الحرب العراقية المدمرة، لا تزال مشكلة الألغام تشكل ظاهرة كبرى ومؤثرة على الأمن، والاقتصاد، والحياة اليومية للمواطنين الأكراد.
لقد تم خلال السنوات الثماني من الحرب بين إيران والعراق، زرع الحدود بالألغام، وعلى مسافة ما يقارب 1500 كيلومتر بشكل سخي، وعلى نطاق واسع، من كلا الجانبين، وذلك لاعتبارات أمنية-دفاعية، حيث تفيد مختلف الإحصائيات بأن عدد هذه الألغام المزروعة في خمس محافظات من المحافظات الإيرانية الغربية (أذربیجان الغربیة، وکردستان، وکرمانشاه، وإیلام، وخوزستان) بلغ ما بين 16 إلى 20 مليون لغم. وقد وزعت على مساحة تقدر بنحو 4 ملايين و200 ألف هكتار، ومع الأخذ بعين الاعتبار التشتت الجغرافي للأكراد في 4 محافظات من المحافظات الـ5 المذكورة، بالإضافة إلى وجود أكثر من 7 ملايين لغم في الجهة الأخرى من حدود كردستان العراق، سوف نرى بوضوح أن عدد الألغام الموجودة في هذه الحدود أكثر من مجموع عدد سكان أكراد إيران والعراق بكثير.
وإثناء الاحتفال بتطهير الألغام في محافظة كرمانشاه، بحضور أحمد وحيدي، وزير الدفاع الإيراني، آنذاك، لم يتم العمل بوثيقة تطهير 700 ألف هكتار من أراضي المحافظة من أصل 3 ملايين و500 ألف لغم وقذيفة، فقد وقعت وثيقة التطهير وسلمت إلى المحافظ، ولم يمر على هذه الاحتفالات إلا عدة أيام حتى قتل وجرح العديد من الأشخاص في تلك المحافظة جراء انفجار الألغام.
وإن كانت مثل هذه الأحداث قد تكررت في مارس (آذار) من عام 2018، أي بعد مرور 6 أعوام على انتهاء الاحتفالات بتطهير الألغام، فإنه وفي تناقض واضح مع الادعاءات الحكومية السابقة، أعلن اللواء فرهاد أريانفر، قائد مقر عمليات القوى البرية للجيش في غرب البلاد، عن وجود عشرات الآلاف من الألغام في محافظة كرمانشاه.
وفي واحدة من الأحداث الجديدة التي تكشف بوضوح عدم صحة الادعاءات القائلة بانتهاء عملية تطهير الألغام في محافظة كردستان، وهي إصابة الطفل شايان البالغ من العمر 11 عامًا بجروح بالغة، فقد على أثرها يديه الاثنتين وإحدى عينيه، في منطقة كلاترزان في سنندج، وذلك يوم 18 مايو (أيار) 2018، ويبدو أن أحد أسباب هذا الحادث يؤكد أن عملية التطهير التي تمت كانت على عمق 30سم، وفقًا لتصريحات المسؤولين الحكوميين، في حين يجب أن يتم التطهير على عمق 80سم، حتى يمكن اعتبار ذلك تطهيرا للألغام.
الموضوع الهام الآخر، الذي زاد من تعقيد معضلة الألغام في كردستان، أن الحكومة الإيرانية، وفي إطار ما تسميه محاربة المجاميع المعادية للثورة، عادت خلال السنوات الأخيرة مرة ثانية وبادرت إلى زرع الألغام في المناطق الحدودية مع كردستان العراق، حيث تحدثت مختلف التقارير المحلية من المناطق الحدودية، ومن بينها سردشت، وأيضًا تقارير شهود عيان، والصحف العراقية (أكتوبر 2015) عن عمليات زرع الألغام من قبل فيلق القدس، في المناطق الحدودية مع كردستان العراق، ومن بينها منطقة بنجوين في محافظة السليمانية، حتى إن سلطات إقليم كردستان قد حذرت السكان من الاقتراب من هذه المنطقة الحدودية.