رسالة نجاد لولي العهد السعودي.. مثيرة للجدل وغير فعالة
أدت رسالة محمود أحمدي نجاد إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التي قدم نفسه فيها كوسيط من أجل إنهاء الحرب التي استمرت سنوات في اليمن، إلى تفسيرات مختلفة.
وفي الرسالة، وصف الرئيس الإيراني السابق، ولي العهد السعودي بـ"الأخ" واقترح تشكيل وفد من "شخصيات عالمية محبة للحرية، تسعى إلى العدالة" لإجراء محادثات مع الأطراف المتحاربة.
لكنه قال إن دوره كوسيط يرتبط بموافقة ولي عهد المملكة العربية السعودية، وعبد الملك بدر الدين زعيم حركة أنصار الله اليمنية كطرفين في الحرب.
ما أهمية رسالة أحمدي نجاد؟
تكمن أهمية رسالة محمود أحمدي نجاد إلى ولي العهد السعودي أكثر من أي شيء آخر في العبارات التي استخدمها لمخاطبة الأمير محمد بن سلمان، حيث كتب أحمدي نجاد رسالته بلهجة سلمية، على عكس كبار المسؤولين الآخرين في الجمهورية الإسلامية الذين يستخدمون في كثير من الأحيان ألقابا عدائية، للإشارة إلى القادة السعوديين.
وشدد على أن بن سلمان حزين على الدمار الذي تسببت به الحرب اليمنية، وسيتصرف "بحسن نية وتفكير" بما يرضي "الله ورسول الإسلام".
ومن غير المرجح أن يرد ولي العهد السعودي على رسالة أحمدي نجاد، ويقبل فكرته في التوسط لإنهاء الحرب في اليمن.
تجدر الإشارة إلى أن طهران بعثت برسائل متناقضة إلى الرياض في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من أن بعض مسؤولي وزارة الخارجية يتحدثون عن الرغبة في التواصل مع الرياض، لكن موقف علي خامنئي وحلفائه من المملكة العربية السعودية لا يزال عدائيًا.
يشار إلى أن الدول المتحالفة مع المملكة العربية السعودية في المنطقة لديها سياسات مماثلة تجاه نظام الجمهورية الإسلامية، ولم ترحب أي من هذه الدول، على سبيل المثال، باقتراح طهران المُسمّى "مبادرة هرمز للسلام".
وفي هذه الظروف، من المستبعد جدًا أن تجد فكرة أحمدي نجاد اهتمامًا باعتباره شخصًا خارجا عن نطاق السلطة في النظام الإيراني. فأحمدي نجاد الآن مجرد عضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، وهو مجرد مؤسسة کمالية في هيكل السلطة في الجمهورية الإسلامية، وحتى في هذه المؤسسة يعتبر شخصية مرفوضة من قبل أغلبية الأعضاء.
لذلك فهو ليس طرفًا في التحدث مع الرياض من قبل طهران، وهذا واضح بالتأكيد لقادة المملكة العربية السعودية.
عزلة أحمدي نجاد التدريجية
أحمدي نجاد، الذي يدين برئاسته؛ لرجال الدين المؤثرين في قم والحرس الثوري، خسر هذا الدعم في الفترة الثانية من الرئاسة، بسبب اختلافه مع مرشد الجمهورية الإسلامية في العديد من القضايا، بما في ذلك تعيين الوزراء ونائبه الأول.
حتى قبل نهاية ولاية أحمدي نجاد، تم تقليص نفوذه في القرارات الاستراتيجية للجمهورية الإسلامية.
على سبيل المثال، في يونيو (حزيران) 2013، قال أحمدي نجاد بانزعاج إنه ليس لديه عمل في القضية النووية وإنه ليس له علاقة بها، والمسؤول عن القضية النووية شخص آخر.
تَبَيَّن فيما بعد أن علي أكبر صالحي أعطِي الضوء الأخضر من علي خامنئي بإجراء محادثات سرية مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي في سلطنة عمان.
يظهر هذا السجل أن الرئيس السابق لإيران، حتى قبل مغادرته السلطة، لم يكن يتدخل في قضية استراتيجية مثل البرنامج النووي سواء كشخصية حاسمة أو حتى كطرف استشاري.
وقد طرد من قبل حلفائه السابقين بعد انتهاء فترة رئاسته. وتمت محاكمة الشخصيات الرئيسية في حكومته واعتُقلوا تحت شعار "التيار المنحرف"، ورُفضت أهليته للانتخابات الرئاسية عام 2017.
وکان عباس أميري فر، المستشار الثقافي لحكومة أحمدي نجاد، قد قال إن الرئيس الإيراني السابق يحاول مقابلة خامنئي منذ ثلاث سنوات، لكن لا يُسمح له بذلك.
دوافع نجاد لكتابة الرسائل..
کتابة الرسائل المثيرة للجدل هي واحدة من أكثر طرق أحمدي نجاد شيوعًا منذ رئاسته، وبعد نهاية فترة ولايته لا يزال مخلصًا لهذا التقليد.
وكان قد كتب قبل ذلك رسائل إلى الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش، والرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والبابا السابق بنديكت، والتي بقيت أغلبها دون ردود أو قوبلت برد فعل بارد.
كان موضوع معظم هذه الرسائل عبارة عن نصائح دينية وآيديولوجية، وتعكس وجهات نظره حول "ظهور المنقذ" القائم على المعتقدات الشيعية.
وأثناء رئاسته، كان أحمدي نجاد يضرب باستمرار على طبول "الإدارة العالمية" ويريد أن يلعب دورًا على مستوى كبار قادة العالم.
وجاءت رغبته في الظهور بهذا الدور في وقت أصبحت فيه الجمهورية الإسلامية معزولة بشكل متزايد بسبب معارضتها للغرب وسياستها الخارجية العدوانية، وكان الإجماع العالمي ضدها يزداد قوة.
ورسالة أحمدي نجاد إلى ولي العهد السعودي هي محاولة أخرى له لوضع اسمه في عناوين الأخبار وجذب الانتباه إلى نفسه.
أين مكانة أحمدي نجاد؟
علي خامنئي، مرشد الجمهورية الإسلامية، والمؤسسات الخاضعة لسيطرته الآن لا يعيرون اهتماما لآراء وأفكار أحمدي نجاد. كما لا تخجل الشخصيات الداعمة لخامنئي من معارضة نجاد علانية، وهم بهذه المعارضة يعززون موقفهم في هرم السلطة.