إقامة جبرية دون محاكمة.. برضا المرشد
وصلت الإقامة الجبرية لموسوي وكروبي ورهنورد 2855 يومًا. ويستمر الصمت المقترن برضا المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأنصار المحتجزين لا يملکون قوة ولا خطة لتغيير وضعهم.
بينما في الأسابيع القليلة القادمة، سيدخل عمر الحجز المنزلي لقادة الحركة الخضراء 8 سنوات، كان الاحتفال بـ"يوم الطالب" في 7 ديسمبر (کانون الأول)، ذريعة لإحياء ذكرى "الإقامة الجبرية"، وإعادة طرحها في المجال العام والشبكات الاجتماعية.
واحد من أهم التصريحات ذات الصلة بموضوع الحجز دون محاكمة لقادة الحركة الخضراء، جاء من حسام الدين آشنا، مستشار الرئيس، وردًا على صرخات "يا حسين مير حسين”، والرموز الخضراء، وشعار "رفع الإقامة" في كلية الهندسة بجامعة طهران، على الرغم من أنه أشار إلى حقيقة استمرار الإقامة، ولکنه تحدث عن "تغيير وضع" المحتجزين في الإقامة الجبرية، وأضاف: "هناك قشرة متبقية حتى يتم رفع الإقامة".
لم يعط "آشنا" أي تفسير حول هذه "القشرة"، إلا أنه أعرب عن أمله في "رفعها".
لكن في رد فعل ذي مغزى على الأخبار المتعلقة بحجز قادة الحركة الخضراء في الإقامة الجبرية، أدلى مجتبى ذو النور، وهو من أعلام الجناح اليميني المتشدد والممثل البرلماني الأصولي، بملاحظتين هامتين، حيث قال أولا: "لا يمکن توقع أي شيء من النظام، ما دام المحتجزون لا يقدمون اعتذارًا"، علاوة على ذلك، أشار إلى رسائل كروبي، وأضاف: "بعد هذه الرسائل، سُدت جميع النوافذ التي فُتحت لرفع الإقامة الجبرية".
يبدو أن تقييم ذو النور، في سياق الوضع السياسي الحالي في إيران، أكثر واقعية من تقرير وأمل مستشار روحاني. بعض أسباب هذا الزعم موضحة أدناه.
أولا: خامنئي ورسائل کروبي التاريخية
في الأشهر القليلة الماضية، انتقد كروبي الهرم السياسي بنشر بعض الرسائل الواضحة من داخل الإقامة الجبرية.
کتب في فبراير (شباط) 2018 في رسالة تاريخية موجهة إلى آية الله خامنئي: "نظرًا لوجودك وتأثيرك في أعلى مستوى من قدرة النظام، يجب أن تعترف بأن الوضع السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي للبلاد اليوم هو نتيجة مباشرة لسياساتك الاستراتيجية والتنفيذية".
وفي أغسطس (آب) الماضي، انتقد كروبي، في رسالة واضحة موجهة إلى مجلس الخبراء، أداء هذا المجلس، لا سيما في مجال الرقابة على أداء المرشد، داعيًا إلى إصلاح بعض المبادئ الدستورية لتكون في صالح "سلطة الشعب وإشرافه"، بحيث "يتم التخلي عن احتكار السلطة في يد شخص بشكل دائم في هذه الأرض، ويحكم الناس أنفسهم، ليس بالکلام فقط وإنما بالعمل".
من الواضح أن هذه الرسالة وبعض رسائل كروبي الانتقادية الأخرى من داخل الإقامة الجبرية لا ترضي المرشد الأعلى أبدًا. وكما كان متوقعًا، استمر المرشد في ردة فعل انتقامية، ورفض الإفراج، ردًا على هذه الرسائل.
الثاني: استمرار الإقامة الجبرية في ظل السخط والاحتجاج
في الحالة التي يتوسع فيها سخط الطبقات الاجتماعية من الوضع الاقتصادي وتتزايد الاحتجاجات الميدانية، فإن معارضة نواة السلطة الصلبة لرفع الإقامة الجبرية عن قادة الحركة الخضراء ليست بعيدة.
في سياق "المجتمع الحركي" الإيراني- الذي يصارع "تسلسل الأزمات"، ويشهد "توسع الأمر السياسي" وزيادة "عدم ثقة" المجتمع بالنظام- سوف تمنع السلطة المركزية بالتأكيد الحراك السياسي والاجتماعي لزعماء الحركة الخضراء. لأنه بغض النظر عن عدم رضاها وغضبها من سلوك موسوي وكروبي بعد انتخابات 2009، لا توجد رغبة في تشكيل حركة احتجاج جديدة.
وهكذا، فقد صرحت زهراء رهنورد بأن بعض التسهيلات في الإقامة الجبرية، وفقًا لقوات الأمن، لا تعني الحرية والإذن بالنشاط الاجتماعي لها ولباقي المحجوزين.
ثالثًا: عدم وجود قوة اجتماعية معارضة
المعارضون لحجز قادة الحركة الخضراء، لم يتمكنوا من تکوين قوة كبيرة، بحيث تؤدي إلى إطلاق سراح موسوي وكروبي ورهنورد، من القمع الحاد والمزمن لأنصار الحركة الخضراء والمؤيدين لها إلى إعطاء الأولوية لقضايا المعيشة والقضايا الاقتصادية للطبقات المتوسطة والضعیفة، وهما السبب في عدم تکوین قوة اجتماعية كبيرة وفعالة ومتنوعة. ولكن أيًا كان الأمر، فإن الإقامة الجبرية بلغت أكثر من 93 شهرًا.
إن المطالبة برفع الإقامة الجبرية التي طرحها أنصار الحرکة الخضراء واقترنت بوعود حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية لعام 2017، لم تصل إلى الهدف المنشود. جزء من المشكلة متأصل في عدم رغبة حكومة روحاني.
يمکن بثقة أن نقول إنه في الحالة التي تكون فيها الحكومة المعتدلة مشغولة في الأزمة الاقتصادية وتزايد سخط المجتمع والعقوبات، فإن بعض الانفتاح (على سبيل المثال، اللقاء مع الأقارب) يكفي لروحاني، فهو وزملاؤه الرئيسيون في الحكومة ليست لديهم رغبة في تحدٍ مع مشكلة جديدة (انطلاق قوة احتجاج مختلفة).
وأخيرًا: استمرار العقوبة حتى "نهاية" أحد الطرفين
قبل أيام، انتشرت أخبار في الأوساط السياسية والإعلامية: إرسال رسالة من إسحاق جهانغيري، النائب الأول لروحاني، إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية. أشار جهانغيري في الرسالة التي أرسلها قبل ستة أشهر وتطرق فيها لبعض الحلول التي تخرج البلاد من المشاکل، إلى ضرورة رفع الإقامة الجبرية عن قادة الحرکة الخضراء.
واستنادًا إلى ما سبق، فقد عارض آية الله خامنئي مرة أخرى إطلاق سراح قادة الحركة الخضراء، واکتفى بمنحهم بعض التسهيلات الحياتية.
ووفقًا للخبر الوارد أعلاه، واستنادًا إلى ما تم التحقيق فيه باختصار في المحاور، فإن الإقامة الجبرية مستمرة حتى إشعار آخر.
الاعتقال التعسفي، والحجز دون محاکمة الذي وصفه كروبي بـ"غير القانوني"، مستمر. ومن الواضح أنه "لا توجد نهاية لهذا التسلط". وكما قال كروبي أيضا:”يبدو أن ملك الموت عليه السلام هو من سيحدد مصير هذه الحالة، فإما أن نذهب نحن عاجلا، وإما يذهب الآخر [ خامنئي] ".