اللقاح الإيراني لكورونا.. مزاعم دون أساس
أكد وزير الصحة الإيراني، سعيد نمكي، على هامش معرض "فارمكس- 2020"، ادعاءاته السابقة في تصدير الأجهزة الطبية في مجال فيروس كورونا، معلنا عن محاولة بلاده إنتاج لقاح كورونا، قائلا : "الخبر السار الذي نقدمه للشعب هو أننا نجحنا في إنجاز خطوات فعالة للغاية لإنتاج لقاح كورونا داخل البلاد. في الأشهر الأربعة الماضية، كنت أتابع عن كثب أنشطة العلماء الإيرانيين في إنتاج هذا اللقاح، النتائج كانت واعدة للغاية، نجحنا في اختبار اللقاح على الحيوان، وستبدأ مرحلة التجارب السريرية البشرية للقاح قريبا".
وقبل هذا، كان المدير العام لمكتب تطوير التكنولوجيا الصحية بوزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي الإيرانية، حسين وطن بور، قد أعلن عن جهود بلاده أيضا لإنتاج لقاح كورونا، قائلا: "إن لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري HPV والإنفلونزا، يتم إنتاجها حاليا في الشركات الإيرانية وسيتم عرضها في الأسواق بنهاية هذا العام".
ولكن لأول مرة، كان رئيس القسم العلمي للجنة مكافحة فيروس كورونا المستجد، مصطفى قانعي، قد أعلن في يونيو (حزيران) الماضي عن جهود 5 شركات إيرانية لإنتاج اللقاح.
وكالعادة، لم يتم الإعلان أو نشر مزيد من التفاصيل حول إنتاج اللقاح، كما أن طريقة نشر هذا الخبر أثارت تساؤلات دون جواب لدى القارئ.
الشركات والنتائج؟
قال سعيد نمكي إن اللقاح اجتاز بنجاح مرحلة الاختبار على الحيوان، وسوف يدخل قريبا مرحلة التجارب السريرية. ولكن بالبحث عن أي مقال نشرت فيه نتائج مرحلة الاختبار لم يتم العثور على شيء.
الأمر المألوف والسائد في جميع أنحاء العالم هو أنه عندما تدعي أي شركة أو جامعة إحراز إنجاز علمي في أي مجال كان، تقوم بالإعلان عن هذا الإنجاز مع نتائج التحقيق والأبحاث، وتقوم بتقديمه إلى الحكم العام للمجتمع العلمي.
على سبيل المثال، نشرت كل من جامعة أكسفورد، وشركة مودرنا النتائج الأولية لأبحاثهما في محاولة إنتاج لقاح كورونا. حتى شركة "سينوفاك" الصينية نشرت النتائج الأولية لدراساتها على إنتاج اللقاح التي اختبرتها على قردة "مكاك ريسوسي" .
وكان نشر النتائج الأولية لاختبارات اللقاحات على قردة "مكاك ريسوسي" قد أثار انتقادات وإشكاليات على اللقاح الذي يتم إنتاجه. وحتى شركة "مودرنا" الخاصة نشرت النتائج الأولية لاختباراتها وقد درسها المجتمع العلمي بدقة.
أما في إيران، فليست الخلفية فحسب بل حتى أسماء الشركات الخمس التي يقول المسؤولون في وزارة الصحة إنها تحاول إنتاج لقاح، ليست واضحة.
وتأتي طمأنة المسؤولين الإيرانيين بكل ثقة في توفير اللقاح حتى نهاية العام الجاري، بينما يظهر سجل عملهم في هذا المجال فشلا ملحوظا في العديد من مشاريع إنتاج اللقاحات، بما في ذلك فيروس سارس، الذي اجتاز مراحل الاختبار على الحيوان، ولكن في النهاية فشلت الاختبارات في إنتاج لقاحات مؤثرة وفعالة، بل إن بعض هذه اللقاحات تركت آثارا جانبية خطيرة.
لذلك، في حال عدم وجود أي معلومات وتفاصيل، فليس من الواضح على أي أساس يجب الوثوق باللقاح الإيراني المزعوم، ويمكن طرح نفس الأسئلة أو أكثر حول لقاحات الأنفلونزا وفيروس الورم الحليمي البشري (HPV).
نسخة أم لقاح جديد؟
تجدر الإشارة إلى أنه لم يتم الكشف عن تفاصيل لقاحَي الأنفلونزا والورم الحليمي البشري (HPV) اللذين يُزعم أنهما قيد الإنتاج. بل ليس من الواضح حتى، هل يتم تصنيع هذه اللقاحات وفقًا للتراخيص الحصرية المتاحة في العالم أم وفق دراسةٍ قيد العمل لصنع لقاح جديد؟
يأتي هذا بينما نشرت وكالة أنباء "عصر إيران"، العام الماضي، أن وزارة الصحة منحت شرکة محلية رخصة صُنع أدوية الأنفلونزا، وتم إيقاف استيراد عقار "أوسيلتاميفير". لكن من الناحية العملية، فشلت هذه الشركة في الوفاء بالتزاماتها لإنتاج الدواء، ليس ذلك فحسب، بل حتى عندما استوردت وزارة الصحة الدواء، اشتكت إلى وكالة التفتيش الوطنية وأوقفت توزيع الدواء المستورد. ونتيجة لذلك، كانت هناك أزمة دواء، في ظل ذروة تفشي الأنفلونزا،. ونظرا إلى أن لقاح الأنفلونزا مطلوب أكثر من أي وقت مضى في العام المقبل، بسبب التزامن بين الأنفلونزا الموسمية وتفشّي کورونا، فإن تكرار مثل هذا السيناريو سيضاعف من الأزمة.
ولكن حتى في حالة النجاح، ستكون الشكوك عالية حول جودة هذا اللقاح وسلامته، بسبب الافتقار إلى التفاصيل. وهناك شكوك مماثلة حول لقاح فيروس الورم الحليمي البشري ( HPV)، وإذا اشترت وزارة الصحة أو الشركات الإيرانية ترخيص وطريقة تصنيع لقاح فيروس الورم الحليمي البشري من شركة ميرك (Merck) للأدوية، فيجب عرض اللقاح بموجب ترخيص الشركة. ولكن إذا کانوا يجهزون للقاح جديد، فإن عدم توافر نتائج البحوث المؤدية إلى إنتاجه وتقييمه العلمي يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على صحة مستخدمي هذه اللقاحات.
وستكون القضية الأخرى هي احتمال التوقف عن الاستيراد الرسمي للقاحات صالحة، في حال احتمال عرض أي عينة إيرانية؛ وهو ما سيؤدي إلى الاستيراد غير القانوني والسوق السوداء للقاحات الأجنبية، ومن الأفضل لوزارة الصحة أن تكون شفافة؛ لتفادي وضع يعرِّض الصحة العامة للخطر، وأن تقوم بنشر وتقييم نتائج اختبار اللقاح المزعوم.