بعد الإفراج عن "مايكل وايت".. تساؤلات حقوقية عن مصير الأجانب المعتقلين
عاد إلى إيران مجيد طاهري، الطبيب الإيراني الأميركي المتهم بانتهاك العقوبات، في أحدث مثال على تبادل السجناء بين إيران ودول أجنبية. ورغم أن طهران حاولت على مدى الأربعين سنة الماضية تصوير تبادل السجناء باعتباره نتيجة لجهود دبلوماسية وإجراءات قانونية، لكن هذه الخطوة من قبل الحكومة الإيرانية اعتمدت على سياق سياسي غير قانوني، ونوع من "احتجاز الرهائن"، و"الابتزاز" أكثر من اعتمادها على معايير قانونية وحقوقية.
وقد تم إطلاق سراح مجيد طاهري، المسجون في الولايات المتحدة منذ 16 شهرًا لانتهاكه العقوبات الأميركية على إيران، مقابل إطلاق سراح مايكل وايت، المواطن الأميركي المسجون في إيران، والمجند السابق في البحرية الأميركية.
وفي غضون ذلك، أعلن محامي طاهري، قبل بضعة أيام، لوسائل الإعلام، أن موكله سيعود إلى إيران في إطار اتفاق بين طهران وواشنطن.
يذكر أنه قبل وصول مايكل وايت إلى الولايات المتحدة، تم الإفراج عن سيروس عسكري، وهو سجين إيراني آخر في الولايات المتحدة.
وكان عباس موسوي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، قد شدد على "تبادل" السجناء، أمس الأحد، قائلا إن التبادل الأخير للسجناء بين إيران والولايات المتحدة كان نتيجة مفاوضات أجريت بوساطة سويسرية.
ولكن، نظرًا لأن احتجاز الرعايا الأجانب أو الرعايا مزدوجي الجنسية من قبل إيران ليس له أي أساس قانوني، فإن النظام الإيراني، في هذا المجال أيضًا، متناقض ويمارس التكتم، ويمكن رؤية هذا التناقض بوضوح في البيان الأخير، لوزارة المخابرات حول مايكل وايت.
وبينما تحدثت وزارة الخارجية في إيران، في هذا الصدد، عن "تبادل"، و"تفاوض"، فإن وزارة المخابرات- في بيان صدر أول من أمس السبت، عن إدارة مكافحة التجسس في هذه الوزارة- حاولت إظهار أن إطلاق سراح مايكل وايت كان إجراء "أحادي الجانب" ولـ "أسباب إنسانية"، كما اعتبرت وزارة المخابرات أن الإفراج عن مايكل وايت كان نتيجة لعملية "دبلوماسية" ولم تتحدث عن "تبادل"، وزعمت أيضًا أن المواطن الأميركي "طُرد" من البلاد خلال "عملية قضائية".
جدير بالذكر أن الدول الأجنبية والمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والنشطاء المدنيين والسياسيين يدينون، منذ سنوات، الاعتقال التعسفي للرعايا الأجانب والمواطنين "الأبرياء" من مزدوجي الجنسية في إيران. ويعتبرون أن ممارسات النظام الإيراني، تأتي في إطار الضغط على الحكومات الأجنبية.
ومع ذلك، فإن بيان وزارة المخابرات، الذي أكد مجددًا أن مايكل وايت كان "جاسوسًا"، سعى إلى إخفاء الدوافع السياسية للنظام الإيراني.
احتجاز الرهائن.. من أسس نظام الجمهورية الإسلامية
تجدر الإشارة إلى أنه منذ تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية في 11 فبراير (شباط) عام 1979، كانت عملية "احتجاز الرهائن" إحدى سبل تعزيز القوة واستمرار نظام الجمهورية الإسلامية.
وكانت أشهر وأغرب عملية احتجاز للرهائن في تاريخ الجمهورية الإسلامية تتعلق باحتلال السفارة الأميركية في إيران يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1979 عندما اقتحمت مجموعة من العناصر الموالين لإيران السفارة الأميركية واحتجزوا 52 أميركيًا من موظفي السفارة كرهائن لمدة 444 يومًا.
وعلى الرغم من أن طرق احتجاز الرهائن لدى الجمهورية الإسلامية بعد احتلال السفارة الأميركية، لم تكن تتم على شكل احتجاز مجموعة من الناس كرهائن، غير أن هذه العملية ما زالت مستمرة في إيران.
وكان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، قد قال في العام الماضي بمناسبة ذكرى مرور 40 سنة على احتلال السفارة الأميركية في طهران، إنه على الرغم من مرور 40 عامًا على احتلال السفارة الأميركية، فلا تزال الجمهورية الإسلامية تحتجز الرهائن وتستمر في نهجها.
وعلى الرغم من الإفراج عن بعض المواطنين الأجانب ومزدوجي الجنسية المسجونين في إيران، مثل جيسون رضائيان، ومايكل وايت، ونزار زكا، فإنه من غير الواضح متى ستوقف الجمهورية الإسلامية "ماكينة احتجاز الرهائن".
ومن جانبهم، فإن أسر السجناء الحاليين في إيران، مثل: كايلي مورغيلبرت، الباحثة الأسترالية-البريطانية، ونازنين زاغري، وروبرت ليفنسون، الموظف المتقاعد في الشرطة الفيدرالية الأميركية، يأملون في أن تجبر الضغوط الدولية، النظام الإيراني على التخلي عن مثل هذا السلوك غير الإنساني.