أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه استهدف "مركز استقرار وتجمع الإرهابيين" بستة صواريخ باليستية متوسطة المدى، ردًا على "الجريمة الإرهابية" في الأهواز يوم 22 سبتمبر (أيلول)، 

وشدد بيان الحرس الثوري الإيراني على أن "بعض القادة والعناصر المؤثرة في الهجوم الإرهابي الأخير لقوا حتفهم أو أصيبوا، فضلاً عن تدمير مخزوناتهم اللوجستية ومخازن ذخائرهم".

فيما يتعلق بهذا العمل العسكري المهم، يمكن الإشارة إلى ست نقاط وأسئلة على الأقل.

1 - أصر الحرس الثوري الإيراني على أن هجومه الصاروخي كان في "أعقاب الجريمة الإرهابية"، وتم تنفيذه كـ"رد فعل". فإذا لم يكن الهجوم المروع في الأهواز قد حدث، ألم يكن الحرس الثوري سيقوم بهذا الرد؟ ولماذا؟

لماذا تم ترك مثل هذا المركز العسكري والتهديد المهم في سوريا كما يصفه الحرس الثوري كل هذه الأشهر؟ ومن جهة أخرى، هل يكون السبيل الوحيد للتعامل مع أسباب الهجوم المروع في الأهواز من خلال إطلاق هذه الصواريخ؟

2 - في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، وفي رسالة إلى المرشد الأعلى، أعلن الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، رسميًا عن "نهاية شجرة داعش الخبيثة الملعونة". وبمناسبة هذا "النصر الكبير والحاسم"، هنأ المرشد الأعلى، والشعب الإيراني والعراقي والسوري و"مسلمي العالم".

إذن، كيف بعد مضي 10 أشهر من هذه الادعاءات، ما زالت العناصر المرتبطة بداعش في وضع يمكنها من إجبار الحرس الثوري الإيراني على إطلاق ستة صواريخ باليستية، وكذلك قصفهم بسبع طائرات دون طيار؟

3. يزعم الحرس الثوري الإيراني أن "مقر الإرهابيين في شرق سوريا" تم "توجيهه ودعمه" من قبل الولايات المتحدة. فما رد فعل الحرس الثوري إذن تجاه هذا الدعم الغريب لواشنطن؟ وإزاء هذا الزعم المهم، وهذا الافتراض، لماذا لم يقم الحرس الثوري، برد فعل متناسب ضد الولايات المتحدة؟

ألا يعتبر إطلاق هذه الصواريخ الستة، بحد ذاته، استعراضًا للقوة أو تهديدًا غير مباشر للبيت الأبيض؟ إذا كان الجواب نعم، فما هو الربح والخسارة في هذا التحرك، في أعقاب تعميق الصراع بين طهران وواشنطن؟

4- المقولة الشهيرة تقول إن "الوقاية خير علاج"، لماذا لا يتم إنفاق جزء من التكلفة الباهظة لصناعة الصواريخ في الجمهورية الإسلامية، في توفير الأمن الداخلي ومواجهة الأحداث الإرهابية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي أدى إلى أحداث الأهواز؟

وفقًا لبعض النواب (بما في ذلك رئيس لجنة الأمن القومي)، كان ممكنًا تفادي وقوع هذه الكارثة بتثبيت عدد من الكاميرات في طريق العرض العسكري في الأهواز.

5- هل هناك علاقة "عقلانية" بين "تكلفة" الهجوم الصاروخي الأخير و"فوائده" لإيران؟ ما تكلفة كل صاروخ من هذه النوعية؟ أين يتم احتساب فائدة إطلاقه؟ الأسئلة نفسها مطروحة أيضًا حول الطائرات دون طيار العسكرية.

هل الاستعراض المتجدد لقوة الحرس الصاروخية ومزاعم استهداف مواقع ومراكز تجمع "الإرهابيين التكفيريين" يبرران حكمة هذا العمل، وعلى وجه الخصوص، هل هو مبرر من حيث "المصلحة الوطنية"؟

إلى أي مدى يعتبر إطلاق هذه الصواريخ استعراضًا دعائيًا وتهديدًا أمنيًا غير مباشر؟ وإلى أي مدى يعتبر عملا عسكريًا بأهداف محددة؟

6. الهجوم الصاروخي، وبيان الحرس الثوري الإيراني، والأبعد من ذلك موقف المرشد الأعلى والقادة الكبار في الحرس الثوري، تجاه أحداث الأهواز الأخيرة والمؤلمة، كما هو الحال دائمًا، يركز على العوامل الأجنبية.

لم تُلاحَظ أية مؤشرات، في مراكز السلطة، على معالجة الجذور الداخلية للحادث، بوصفها عناصر مهمة، مثل: توسيع وتعميق الفقر والبطالة في المنطقة، والحقائق المريرة التي تزامنت مع استمرار قمع حرية النشاط السياسي والمدني، وتهديد المشاركة الاجتماعية، والتي- بالمناسبة- يلعب الحرس الثوري دورًا خاصًا فيها.

إلى أي مدى يمكن لقرع طبول الأنشطة الصاروخية والعسكرية، أن يؤمّن المصالح الوطنية الإيرانية، خاصة في خضم الأزمة الاقتصادية؟

إن الأسئلة المتعلقة بالهجوم الصاروخي الأخير للحرس الثوري الإيراني ليست قليلة. إنها أسئلة لا يوجد من يجيب عليها، فالأمنيون المسيطرون على الحرس الثوري لا يرون أي سبب أو ضرورة للإجابة عليها والشفافية مع المجتمع.