ضرورة أخذ تهديدات "كسينجر إيران" على محمل الجد
الخطاب الأخير الذي ألقاه حسن عباسي (المثير للجدل والمعروف بـ"كسينجر إيران") ونشر مصطفى تاج زاده مقطعًا مصورًا منه، عبر "تویتر"، ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد، حيث يعتبر تهديدًا خطيرًا للأمن القومي، فعلى الرغم من أنه معروف بـ"ركيزة حزب الله الإيراني"، إلا أن مقتل العشرات من المواطنين في جنازة قاسم سليماني في كرمان دليل على أنه في ظل ظروف معينة، يمكن لشخص مثل حسن عباسي أن يسبب كارثة لا يمكن إصلاحها.
في خطابه الأخير حول مقتل قاسم سليماني، حث عباسي الناس بشكل جنوني، على تقطیع الإصلاحيين، بدلاً من أميركا، وهدد بقتل تاج زاده. کما هدد حسن روحاني ومحمد خاتمي باغتيالهما أو تقطیع أوصالهما. وبالنظر إلى ترکیبة الشباب الذین یستمعون إلی خطابه، يمكن القول إنه يحاول تنشيط جميع قدرات فكرة "حریة إطلاق النار" المعطلة.
يشار إلى أنه خلال تشييع قاسم سليماني في كرمان، تم استهداف إسحاق جهانغيري، النائب الأول لحسن روحاني، من قبل الباسیجیین وغادر جهانغيري مراسم التشییع مع حراسه الشخصيين.
في الوقت الذي یتحدث فیه كل المسؤولين العسكريين في الجمهورية الإسلامية عن الانتقام والحرب مع الولايات المتحدة، بشكل منسق، من المحتمل أن تفكر في أنه من غير المستبعد أن يخوض النظام حربًا مسيطرًا عليها مع الولايات المتحدة للحفاظ على كرامته المهانة بعد مقتل قاسم سليماني.
في مثل هذه الظروف، لا شك أن الحفاظ على الأمن العام للمدن من أجل تجنب الاضطرابات يمثل قضیة حیویة، حيث إن وقوع حرب، وإن کانت قصیرة الأجل، قد يضر بالمدن التي عانت العشرات من الأزمات، بما في ذلك شح المياه، وتلوث الهواء، والتضخم، والبطالة، وهو ما یصیبها بأزمات مضاعفة.
في هذه الحالة بالتحديد، يمكن لأنشطة أمثال حسن عباسي، التي تشجع الناس على القتل والتقطیع، أن تخلق أزمة أكثر خطورة من الحرب نفسها.
تجدر الإشارة إلى أن المرشد الإيراني قد أذن، من قبل، بالاشتباكات والانتقام من خلال تشجيع قوات الميليشيات على العمل وفق قاعدة حریة إطلاق النار.
إن أمثال حسن عباسي، بتنظيرهم للعنف وقتل المعارضين، عززوا بالفعل الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى شيء يسمى الحرب الأهلية. وبطبيعة الحال، فإن قمع المظاهرات السلمية في نوفمبر (تشرين الثاني) وقتل واعتقال أكثر من 10.000 شخص يمكن أن یساعد في إطلاق شرارة مثل هذه الحرب.
في البلدان التي نرى فيها قمعًا دمويًا لمظاهرات الأشخاص العاديين، غالبًا ما يُفقد المعتقلون وتُلقى جثثهم في الشوارع أو في الأنهار والبحيرات. عادة ما تكون الأجهزة القضائية والأمنية في هذه البلدان متورطة في الصراع السياسي، وقادتها السياسيون يأمرون، بشكل واضح وعلني، بقمع وقتل المعارضين ولا يتم الإعلان عن الضحايا رسميًا.
ومن المحتمل أن تصبح هذه البلدان مثل سوريا أو إسبانيا في عهد فرانكو. والأسوأ من ذلك كله، أن الأنظمة التي تستمد شرعيتها من الآيديولوجيا والإعلام الحكومي من الأرجح أن تتورط في صراعات عنيفة أكثر من غيرها.
في مثل هذه الحالة، إذا كان حسن عباسي والميليشيات المهانة والمهزومة هما من يتوليان إدارة البلاد، فيمكن للمرء أن يتوقع أسوأ سيناريو في المائة عام الماضية في إيران.
حسن عباسي، باعتباره أخطر تهديد للأمن القومي الإيراني، هو العدو اللدود لهاشمي، وخاتمي، ومير حسين موسوي. لقد دعا دائمًا، هو ونظراؤه من رجال الدعاية إلى اتباع نهج عدواني تجاه الغرب، وعدم المساومة في القضايا النووية، ومحاربة الاتجاهات الليبرالية والعلمانية، مع التركيز على مواجهة "الغزو الثقافي الغربي"، و"الحرب الناعمة".
وبينما يعارضون إجماع الرأي العام، فإنهم يصرون على مراجعة جميع العلوم الإنسانية وإطلاق ثورة ثقافية أخرى. وفي غضون ذلك، يعبرون عن وجهات نظر حاسمة حول كل شيء من الفن والجيش إلى صناعة الأفلام والطهي.
يجب أن لا ننسى أن الأزمة التي تورطت فيها الجمهورية الإسلامية مع قتل قاسم سليماني حدثت بعد فترة وجيزة من مجازر نوفمبر (تشرين الثاني). ولا تزال أزمة إعلان عدد القتلى وتحديد عدد المعتقلين والمفقودين دون حل.
أما الأزمة الأكبر التي ما زالت في الطريق، والتي يمكن أن تنجم عن الاشتباك العسكري الأميركي، فلا يمكن حلها عن طريق تنظيم الجنازات الملیونية وإطلاق آلاف الحافلات التي تنقل المشيعين.
وعلى الرغم من أنه يمكن تقييم الضربات الصاروخية والطائرات من دون طيار التي شنتها إیران على منشأة أرامكو باعتبارها ميزة عسكرية، إلا أنه قد لا یمكن تكرارها. ومن غير المرجح أن يكون لدى ظريف الشجاعة لتهدئة المتطرفين في البرلمان مرة أخرى، بتكرار قوله إن الجيش الأميركي ليس في وضع صعب لإلحاق هزيمة بشعة بإيران، وإنها إذا أرادت ذلك حقًا، فإنها قادرة على تدمیر جميع المنشآت الإيرانية في وقت قصير.
إن حكومة الولايات المتحدة والكونغرس يرفضان عن عمد الدخول في حرب مع إيران بناءً على التحليل الاستراتيجي، حيث يعتقدان أن استفزازات إیران سببها أن النظام يحتاج إلى حرب لتبرير عدم كفاءته. لذلك، لن ينخرطا في اشتباك، قدر الإمكان، لتجنب الدخول في لعبة إيران. ومع
ذلك، إذا أصرت إیران على شن حرب ضد الولايات المتحدة، فإن صواريخ كروز الأميركية التي تنطلق من سفن الخليج إلى الموانئ والمصافي الإیرانیة وكذلك الهجمات الإلكترونية على منشآت الاتصالات والبنية التحتية الأخرى ستحسم سریعًا أي حرب.
لكن القلق هو أنه، مع مثل هذه الكارثة ومواجهة فشل آخر، فإن أمثال حسن عباسي وشركائه في أجهزة الاستخبارات والأمن الموازية سیبدأون العمل.. في مثل هذه الظروف، لن يتحدثوا ولن يستمعوا لحديث أي شخص آخر، بل إنهم سيقودون البلاد في اتجاه مختلف، عن طريق اغتيال وقتل المعارضين ومنتقدي نظام الجمهورية الإسلامية. لهذا السبب يجب أخذ حسن عباسي على محمل الجد الآن، حتى لا يؤدي عسر الهضم العقلي لأمثاله إلى المذابح التي بدأ يوصي بها بالفعل.
ملاحظة:
يعرف عباسي الذي يلقب نفسه بـ"كسينجر إيران" بتصريحاته المثيرة للجدل، وكان قد وضع شروطًا للتفاوض مع أميركا، منها أن "تقوم بإغلاق مركز وول ستريت، وأن تعلن الإسلام، وأن تفرض الحجاب على النساء، وأن تغلق المواقع الإباحية"