تشاهد صفحة من الموقع القديم لـ Iran International لم تعد محدثة. قم بزيارة iranintl.com لعرض الموقع الجديد.

عودة ظريف.. الأسباب والمآلات 

خلال يومينِِ، استقال ظريف ثم عاد عن قراره، كيف يمكن فهم هذا السلوك؟

وفقًا لمعلوماتي، فإن حسن روحاني، بعد فوزه في انتخابات 2013 الرئاسية، دعا ظريف إلى مكتبه وطلب منه تسمية الأشخاص المؤهلين لتولي حقيبة وزارة الخارجية. وسجّل ظریف خمسة أسماء، أو ستة. وعندما عرض الورقة علی روحاني، خاطبه الرئيس المنتخب: "لماذا لم أر اسمك في هذه القائمة؟ أنت خياري".

شکر ظريف روحاني على حسن ظنه، وطلب منه إعفاءه من ذلك، وأن يختار شخصًا آخر. كان  ظریف یعلم أن "أنقاض" العقوبات التي كانت قد انهارت علی المواطنين خلال السنوات الثماني من رئاسة أحمدي نجاد، لا يمكن رفعها. ظريف، باعتباره أحد أکثر وزراء إیران حنكةً، طيلة عمر نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، و"الأكثر معرفة" بفاعلیة "نظام العقوبات الدولية"، علم أن روحاني طلب منه مهمة "غير قابلة للتنفيذ"، خاصة في ظل صراع أجنحة السلطة. كان ظريف يفضل أن يجلس في زاوية ويراقب الأمور، لا أن يقوم بـ"رفع الأنقاض".

لكن روحاني، تمکن من إقناع ظريف بأنه هو من سيتسلم وزارة الخارجية، فإذا كان شخص متمکن مثل ظريف سيختار العزلة، فعلى من إذن تقع مهمة العمل علی انفراج الأمور وتخليص  البلاد من هذا المستنقع الذي وقعت فيه. وطلب روحاني من ظريف أن يدخل الساحة مثل الجندي الذي یتسلم حصة العمر كله، ليحارب يومًا واحدًا. كان روحاني على يقين من أن بإمكان ظريف فقط إنجاز مهمة رفع أنقاض العقوبات الدولية، وليس غيره.

وبعد أن أصبح موضوع تسلم ظریف حقیبة الخارجية، قطعيًا، في نفس العام، کتبت مقالاً قلت فیه: "حكومة حسن روحاني تعني جواد ظريف، وجواد ظريف یعني حكومة حسن روحاني". 

بمعنى آخر، ظريف يمثل "العمود الفقري" لحكومة حسن روحاني. وإذا كان الأمر كذلك، وهو  الذي ما أؤمن أنا به، تری ماذا تعني استقالة ظريف وما السبب وراءها؟

أولئك الذين عملوا مع ظريف عن قرب ويعرفونه، يعلمون أنه ليس "متذمرًا"، ولیس "متهربًا من المسؤولية" التي يتحملها. ظريف هو الوزير الوحيد في عمر جمهورية إيران الإسلامية، الذي قضی 40 عامًا وهو یتعلم ویعلّم في فرع العلاقات الدولية بشكل اختصاصي، ولم يفعل شيئًا آخر. وزراء الخارجية الآخرون في الجمهورية الإسلامية، کانوا إما أطباء أطفال، وإما مهندسون، وإما شيء من هذا القبیل.

وليس من المبالغة أنه، حتى لو كنت من المعارضین لظريف، فلا يمكنك إنكار قدراته الشخصية، حتى لو كنت أنت جون بولتون، ففي عام 2006، عندما تم إرساله إلی الأمم المتحدة في نيويورك  لیمثل بلاده، تزامنًا مع ذلك کان (مستشار الأمن القومي الحالي في البيت الأبيض)، جون بولتون، سفيرًا لبلاده لدى الأمم المتحدة. في ذلك الوقت، کانت هناك عبارة تتناقلها الأفواه عنه: "إنني أکره الجمهورية الإسلامية، لکن قدرات سفیرها تعجبني".

كان بولتون على حق، حيث إن ظریف هو من قاد مفاوضات صعبة مع العراق في قرار 598 لمجلس الأمن، وهو من نظم قمة منظمة التعاون الإسلامي الثامنة في إيران بنجاح. إذن، لم يكن عبثًا حينما كتب كيسنجر عبارة "إلی العدو الذي یحظی باحترامي"، في كتاب أهداه إلى ظريف.

إن مثل هذا الشخص المحترف، لا ينقصه شيء لتولي الأمانة العامة للأمم المتحدة، من حيث القدرات الشخصية، باستثناء دعم "حكومي لائق"، وهذا ما لا یتمتع به ظریف. فكانت النتيجة أن تم التخلي عنه في ذروة خدماته في نيويورك، وفي طهران منعوه من الدخول إلی مبنى وزارة الخارجية، وحرموه حتى من التدريس.

عندما وافق ظريف على تولي وزارة الخارجية في ظروف "العقوبات المعوقة"، كان قوله يرن دائمًا في أذني وصورته تظهر دائمًا أمام عيني، وهو يلقي محاضراته في مادة "المنظمات الدولية" التي کنت أحضرها في مرحلة الماجستير في كلية وزارة الخارجية. في محاضراته في هذه المادة، علّمنا أن "الدول يمكن ان تفعل أي شي لتجد نفسها في مجلس الأمن لكنها لاتستطيع فعل أي شيء للخروج منه". بعد مضي عدة سنوات، ما زالت هذه العبارة ترن في أذني.

ظريف کان یعرف ذلك، عندما لم يرشح نفسه لوزارة الخارجية. وسر استقالة ظريف بالتحدید یکمن هنا.

لو فتح ظریف صدره، لوجدنا حینها بحرًا من العتاب عن أسباب استقالته، لكنه ليس "متذمرًا". فلا بد أن هناك سببًا قويًا دفعه إلی تقدیم استقالته.

قلت إن "حکومة روحاني تعني ظريف، وإن ظريف يعني حكومة روحاني". وتصبح هذه المعادلة أكثر اكتمالاً إذا ما علمنا أن "ظريف يعني الاتفاق النووي، والاتفاق النووي يعني ظريف".

ومن ناحية ثانية، فإن المرشد الذي "تشدق" بما سماه "المرونة البطولية"، والذي وصف المفاوضين النوويين مع بداية المفاوضات بـ"أبنائنا الثوريين"، هو نفسه من وصف هذا الاتفاق بـ"الخسارة الكبرى"، بعد توقیع الاتفاق النووي بيوم واحد. وكان من الواضح منذ البداية أن هناك بحثًا عمن كان السبب في هذه الخسارة. حتى وصل الأمر إلى اعتقال بعض أعضاء فريق التفاوض (عبد الرسول درى أصفهاني) بتهمة التجسس.

وقد أبعد ظريف التهمة عن نفسه، وقال: "لم أكن أعرفه قبل المفاوضات، وتم ترشيحه لي"، لكن المشكلة كانت عندما تكلم نائب أورومية في البرلمان الإيراني، نادر قاضي بور، في جلسة التصويت علی منح الثقة، حيث قال: "السيد ظريف أميركي مائة في المائة".

بعد انسحاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي، رفضه المرشد الأعلى بيده، وقال إنه سیحرقه، وبعد ذلك سحبه نحوه بقدمیه، مرتضيًا الاتفاق بنسخته الأوروبية، وقال "خذوا الضمانات من الأوروبيين". عندها، ألقی المرشد بمهمة مستحيلة في رقبة ظریف، في مفاوضات أكثر صعوبة من مفاوضات الاتفاق النووي.

الاتفاق النووي في کلمة واحدة، يعني التزامات صعبة للغاية لنظام الجمهورية الإسلامية، أحد هذه الالتزامات هو الانضمام والتنفيذ الكامل لقواعد مجموعة العمل المالية (FATF).

خلال المحادثات النووية، سمحت الولايات المتحدة الأميرکیة لإيران بالاستفادة من امتيازات الاتفاق النووي، فقط في حال انضمامها إلى مجموعة العمل المالية (FATF)، وتطبیقها الشفافية الكاملة في منظومتها المالیة والنقدية والمصرفية. وقد طلبت هذه المجموعة 40 مطلبًا من إیران تحت عناوين عدة، منها: مكافحة الجريمة المنظمة الدولیة (باليرمو)، ومكافحة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

لكن المشكلة تکمن هنا بالتحديد، لأن المرشد الأعلی في اجتماعه مع أعضاء البرلمان، قال إن تبني هذه القوانين دلالة على "الخوف". وبهذه الطريقة، فقد وافق من جهة علی التفاوض مع الاتحاد الأوروبي لحفظ الاتفاق النووي والاستفادة بالانفتاحات المالية، لکنه ما کان یرید التسليم لمطلب  الشفافیة المالية.

 

وفي هذا الإطار يقول أنصار المرشد إن هذه القوانین تقید إيران في مساعدة منظمات مثل حزب الله، وتكشف معلومات البلاد السرية. كما يقولون إنه إذا لم تكن هناك إنجازات للاتفاق النووي، فلماذا نقبل بالمزيد من الالتزامات؟

لكن ظريف قال إن المعارضین لا يدركون عواقب قراراتهم. وقال تحت قبة البرلمان: "لا نقول إنه إذا تمت المصادقة على هذه القوانين فستحل مشكلة ما في الاقتصاد، لكن إذا لم یتم إقرارها  فبالتأكيد ستضاف مشكلة علی مشاکله".

ولا شك أن الوضع صعب إلى درجة أنه إذا لم تف إيران بالتزاماتها، فلن تستطيع القيام بتعاملات مصرفية مع روسيا.

إذن، هناك عدة أسباب یمکن ذکرها لاستقالة ظریف. ولكن أكثرها أهمية هو أن "الاتفاق النووي يعني ظريف، وظريف يعني الاتفاق النووي".

منطق ظريف يقول، حتى لو لم تنسحب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق، فإن الاستفادة بامتيازاته تشترط قبول قواعد مجموعة العمل المالیة الخاصة. وعدم قبول هذه الالتزامات يعني  انتهاء الاتفاق النووي، ونهاية الاتفاق تعني، نهاية الحياة السياسية لظريف.

لقد وضع ظريف إيران باستقالته هذه، في وضع يشبه المثل الشهير: "إذا كنت تجید الضرب أفضل مني، فخذ أنت واضرب".

في حين لم يكن روحاني، منذ البدایة، يملك بديلا لظریف لتولي مهام وزارة الخارجية، فمن يستطيع الآن أن يحل محل ظريف بعد استقالة "مهندس الاتفاق النووي"؟

برأيي، يمكن أن يسحب ظريف استقالته في حالة واحدة فقط وهي أن يتم تناول كأس سم "FATF".

وباعتقادی لیس هناك وجه للمقارنة بین استقالة ظريف واستقالة قاضي زاده هاشمي، وزير الصحة. لقد ذهب وزير صحة وجاء وزير آخر. لكن لا يوجد على الإطلاق بديل عن ظریف الذي یحمل في صدره آلاف الأسرار حول المفاوضات النوویة. وتربطه صداقات مع اللوبیات الغربیة، كما أن له علاقات مع كثير من وسائل الإعلام الغربية بکل سهولة.

بالإضافة إلى ذلك، ظريف هو رمز للحوار والتفهم والتفاهم عند الغربيين، وبذهابه سینغلق هذا الباب مع الغرب.

كما أن ظريف الذي قدم استقالته باعتباره "رمز التخوف" من الغربيين، كان في بعض الأحيان بـ"كذباته الجدیرة بالشفقة" يقدم نفسه كبش فداء للمرشد الأعلی.. ذات مرة أنكر أن يكون في إيران سجين سياسي، ومرة أخرى ادعى أن تصريح المرشد بشأن إنكار المحرقة اليهودية، تم تحريفه عند ترجمته في موقعه الإلكتروني. وذهب إلى حد القول: "أروني شخصًا واحدًا في إیران طالب بتدمير إسرائيل".

أما أكثر كذباته إثارة للشفقة فكانت عندما وصف الناشطة السجينة، نرجس محمدي، تلك المرأة المسالمة، بأنها "مثيرة للفتن". وقد انتقدت ذلك، في وقت سابق، ضمن مقال لي بعنوان "رسالة مفتوحة إلى الدبلوماسي ظريف"، وخاطبت فيها وزير خارجية إيران، وقلت: كيف له أن يصف امرأة مسالمة مثل نرجس محمدي بالمثيرة للفتن؟ بينما نرجس محمدي كانت تحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات وهي داخل السجن، وكانت نتيجة نشاطها هذا أن أصبح روحاني رئيسًا للبلاد.

مع كل الملاحظات المنتقدة لظريف، أعتقد أن سحبه لاستقالته، بعد أن تمكن بالتأكيد من "وخز" المرشد الأعلی، کي لا يعود إلى زعزعة مكانة وزارة الخارجية والتقلیل من شأنها. إذا کانت هذه الاستقالة منحت لظريف هذا الضمان، فيجب أن يكون شرطه الأول هو الاستماع إلى صوت العقل، وأن تخضع إيران إلی جمیع شروط "FATF".

 

محلل سياسي ودبلوماسي سابق
إيران بالمختصر
ذكرت صحيفة "همشهري" الإيرانية أن بعض الأشخاص، ومن خلال وصولهم إلى أنظمة وزارة الصحة، يقومون بإصدار شهادات لقاح "استرازينكا" مزورة بمقابل يتراوح ما...More
قال صدر الدين عليبور، مدير منظمة إدارة النفايات في بلدية طهران، إن المنظمة قررت استبدال صناديق النفايات الموجودة في طهران بصناديق مغلقة؛ حتى "لا...More
أعلن محمود نيلي، رئيس جامعة طهران، عن إرسال رسالة إلى رئيس السلطة القضائية في إيران، غلام حسين محسني إجه إي، من أجل الإفراج عن الطالب السجين كسرى...More
ذكرت صحيفة "شرق" أنه لا يمكن للإيرانيين المقيمين في جورجيا العودة إليها. وكتبت أنه حتى الإيرانيون الذين يحملون جوازات سفر وبطاقات إقامة جورجية ظلوا...More
أفادت وسائل إعلام هندية عن إيقاف زورق إيراني يحمل هيروين. وكانت وسائل إعلام هندية قد قالت إن حرس الحدود وشرطة مكافحة الإرهاب ضبطوا زورقًا إيرانيًا...More