كيف تتم هندسة مرشحي الانتخابات في إیران؟
بسبب التلاعب بالمرشحين (قیام الآلاف من مراقبي مجلس صيانة الدستور بتشكیل ملفات دائمة للنشطاء السياسيين ورفض أهلیة غير الموالین للنظام)، وتدخّل النافذین في عملية التصويت (جمع صناديق الانتخابات في المعسكرات وتزویر الأصوات في الصنادیق أثناء نقلها)، وعدم وضوح الموارد المالیة للمرشحین (الأموال القذرة للحرس وبیت المرشد)؛ لهذه الأسباب لا توجد انتخابات نزيهة وتنافسية وحرة في إيران. ما يحدث هو أخذ البیعة، لكن الحكومة تصر على تقدیم البیعة التي تأخذها علی أنها انتخابات.
هذا الإصرار یتم في إطار عملية لها ثلاثة جوانب: المرشحون، ومجلس الوصاية، والأجنحة السياسية.. فكیف تتم هندسة الانتخابات، من خلال التفاعل بين هذه الجوانب الثلاثة؟
اختيار المرشحين بعناية بالتعاون بين مجلس صيانة الدستور والعصابات السياسية
قال إمام جمعة كن حول عدم تأیید أهليته في فترة الانتخابات السابقة لمجلس الخبراء: "الخبراء لديهم طريقة في كل فترة. في الفترة السابقة، كانت الامتحانات التحريرية أولاً ثم الاختبارات الشفوية.. في الاختبار التحريري، تمت الموافقة علی 40 شخصًا من بين 400 شخص، وكنتُ أنا واحدًا منهم. لكن في المقابلة، رأى الأصدقاء أنه من الأفضل أن أتنحى... مجلس صيانة الدستور، هو نفسه لا يعلن رسميًا.. انظر، قضية الخبراء مختلفة عن قضية البرلمان، وهي قضية أكثر ودیة. إنهم یقولون إن العقلاء في هذا الفصیل، الذین یریدون اختیار بعض الأشخاص،یرون أنه من الأفضل أن تتنحی. مثلما يحدث للقوائم البرلمانية، ويقولون إنه إذا كانت القوائم متعددة، فإن هؤلاء الأشخاص سيحصلون علی الأصوات اللازمة". (خبر أونلاین، 21 ديسمبر/ كانون الأول).
من هذه الكلمات يتبين أن أعضاء مجلس صيانة الدستور يتصرفون بصفتهم متخذي قرارات العصابات، ويقومون بتأييد المرشحين بالتنسيق مع أصدقائهم الحزبیین. لا يمكن حتى لموالي النظام أن یجتازوا فلتر مجلس صيانة الدستور بسهولة.
يختار مجلس صيانة الدستور المرشحين، بالتعاون مع جناح سياسي في البلاد (العقلاء أو العرّابين). فصيل واحد يرشحهم ويوافق علیهم مجلس صیانة الدستور، وإذا ترشح أي شخص من الموالین للنظام لا یرغب فیه ذلك الفصیل، فإن مجلس صیانة الدستور إما أن ينحيه وإما أن يطلب منه الانسحاب بطريقة ودية؛ یطلب منه أن ینسحب طواعیة حتى لا يتم تشويه سمعته أمام الفئة الحاكمة إذا ما تم رفض أهلیته. بالطبع، سيتم تخصيص الموارد أو التسهيلات للشخص الذي ينسحب حتى يتم استرضاؤه.
هندسة المرشحین على أساس قضايا الفساد
في الحالات التي توجد فيها شكوك حول ولاء بعض المرشحين للمرشد، تكون أیدي مجلس صيانة الدستور مفتوحةً لهندسة المرشحين حتى دون استبعادهم. لقد منح خامنئي لأعضاء هذه المؤسسات حریة اتخاذ أي قرار، لكسب ولائهم.
على سبيل المثال، يقرر مجلس صيانة الدستور، الانسحاب نیابة عن الأشخاص، كما أعلن فلاحیان: "لم یتم رفض أهلیتي. وضعوا اسمي في قائمة أسماء المنسحبین. وقيل لي إنك انسحبت". (جريدة "بهار"، 8 يوليو/ تموز 2013).
لا يمكن لأشخاص مثل فلاحیان الاعتراض على هذه العملية، لأن لدی بیت المرشد ما يكفي من ملفات الفساد والجريمة وإساءة استخدام السلطة لاستخدامها ضدهم إذا لم يقبلوا بهذا القرار. والذين ليست لديهم ملفات لا يمكنهم الاعتراض أیضًا، لأنهم یُتهمون بالتحريض على الفتنة، ویتم حرمانهم من حقوقهم السياسية في المستقبل. في بلد تسرق فيه قوات الأمن أحد أعضاء مجلس الخبراء (روح الله صدر السادات) وإخوته، من الطبيعي أن يعرف الجميع حدودهم.
التلاعب بقائمة مرشحي الأحزاب
منذ البیعة (الانتخابات) البرلمانیة عام 2015 فصاعدا، اعتمد مجلس صيانة الدستور طريقة جديدة لهندسة الانتخابات؛ وهي أنه یرفض الشخصيات المشهورة من الأحزاب الإصلاحية، ویؤيد الشخصیات الأصغر سنًا من هذه الأحزاب.
إذا كانت هذه الأحزاب غوغائیة وغير ملتزمة بالمرشد الأعلى، فلا ينبغي أن يكون هناك فرق بين المرشحين المعروفين وغير المعروفين. لكن الفرق یدركه أولئك الذين يريدون هندسة البیعات؛ إذا كان المرشحون في هذه المجموعات غير معروفين ومن ثم ليست لديهم خبرة، فإن المؤسسات العسكرية وبیت المرشد سیتمكنون من إدارتهم داخل البرلمان بشكل أسهل، ويصبحون أكثر تبعیة للمرشد والمؤسسات التابعة له.
من هذا المنظور، قارنوا بین أعضاء البرلمان السادس وأعضاء كتلة الأمل في البرلمان العاشر، فقد اتخذ أعضاء البرلمان السادس موقفًا معتدلاً ضد خامنئي خلال اعتصام (بسبب رفض أهلیتهم)، لكن أعضاء كتلة الأمل في البرلمان العاشر كانوا دائما مطیعین للمرشد ولم يتحدثوا ضد آرائه. بالطبع، يتم سماع جمل محدودة وغير مباشرة من علي مطهري، ومحمود صادقي، وهو أمر لا ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد.
تأييد ضمني من المرشد
على مستوى الرئاسة، لا يُسمح لأولئك الذين يرغبون في المنافسة على المنصب بالترشح، دون موافقة ضمنیة من علي خامنئي؛ حيث يتم استبعاد أي شخص لا يحصل على هذه الموافقة، حتى لو كان هاشمي رفسنجاني؛ فالسید رفسنجاني، في بیعة (انتخابات البرلمان) عام 2013. لم يذهب إلى خامنئي للحصول على موافقته، ولذلك تم رفض أهلیته، وهو لم يذهب إلى خامنئي للحصول على إذن منه لأنه علم أنه لن يُسمح له بذلك. ولم يفعل أحمدي نجاد في بیعة (الانتخابات الرئاسية) عام 2017، وتم رفض أهلیته. أما مير حسين موسوي فقد ذهب إلى خامنئي، قبل ترشحه، لعبور حاجز مجلس صيانة الدستور.
بالنسبة لخامنئي، لا يكفي الولاء للنظام أو الولاء السابق، بل يجب على المرشحين تجديد ولائهم؛ فإذا لم تكن هذه الشروط المسبقة هندسة للمرشحين، فما هي الهندسة إذن؟
البیعة الشمولية
الشيء المثير للاهتمام هو أنه في هندسة البیعات، لا یتم الاكتفاء برقابة مجلس صيانة الدستور، بل إن الطبقة الحاكمة لا ترید أن یجلس على مقاعد البرلمان ومجلس الخبراء ورئاسة الحكومة إلا من تجتبیهم وترتضیهم؛ بحيث تسیطر الدولة علی كل خطوة أو أداة في عملية البیعة، من التسجيل إلى الاعتماد. وإذا كان هناك شخص يواجه مشاكل مع مجلس صيانة الدستور، فسيتم طرده من البرلمان حتی بعد حصوله علی التصویت (مثل مينو خالقي، نائبة أصفهان في البرلمان).
لذلك، إذا نظرنا إلى عملية التصويت بأكملها وتشكيل البرلمان، فإن شمولیة الدولة تظهر لنا بشكل واضح.