إيران.. ملامح اقتصاد متأزم في ظل سياسة جامدة
في كلمته بمناسبة العام الإيراني الجديد، أعطى المرشد الإيراني- كعادته- عنوانًا للعام الجديد، فوصفه بـ"روعة الإنتاج"، وطالب المسؤولين الإيرانيين والمؤسسات الحكومية بالعمل على "دعم الإنتاج المحلي وتشجيعه".
تأتي تصريحات المرشد في الوقت الذي يؤكد فيه متخصصون في الاقتصاد الإيراني أن الأوضاع الاقتصادية في الداخل الإيراني وما تشهده من أزمات متلاحقة لا تبشر بخير في العام المقبل.
كيف يمكن لأمنيات الحكومة أن تتحقق على أرض الواقع بجذب استثمارات أجنبية، في ظل العقوبات الأميركية وانسحابها من الاتفاق النووي، مع ما أصاب الاقتصاد الإيراني من كساد شديد، وتضخم تجاوز 26 في المائة، وانخفاض لعائدات النفط فاقم من أزمة العملات الأجنبية، وزاد من عدد المصانع المغلقة بسبب عدم توفر المواد الخام التي يتم استيرادها.
وفي هذا السياق المأزوم، كان طبيعيًا أن نسمع تصريحات بأن الأوضاع الاقتصادية تعاني من أزمة بالغة، على ما قال اقتصاديون مؤخرًا، ما زالوا يرددون بأن البلاد لن تستطيع أن تستمر بشكل طبيعي دون أزمات في ظل هذا التردي الاقتصادي.
وكثيرا ما أشار الاقتصاديون إلى الأزمات التي ما زالت تضرب الاقتصاد الإيراني والتي لم يستطع المسؤولون حلها، مثل ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض الإنتاج، وتراجع معدلات الاستثمار.
واللافت أن كثيرًا من هذه الأزمات يتحول إلى مشاكل أمنية، تتمثل في الاحتجاجات العمالية المتتابعة والإضرابات الفئوية بسبب تدني الأجور أو عدم تقاضي العمال لرواتبهم المتأخرة أو عدم وجود قطع غيار أو مواد خام ومن ثم إغلاق المصانع.. وغيرها من المشاكل التي باتت تلقي بظلال أمنية خطيرة على المجتمع الإيراني.
واللافت أن الجمهورية الإسلامية بدلا من معالجة أصل المشكلة (الاقتصاد)، تتوجه لمعالجة العرَض الأمني بمواجهات أمنية وقضائية تزيد من الأزمة ولا تعالجها.
ولعل هذا النهج الذي ينتهجه النظام الإيراني هو ما يدفع كثيرين إلى التأكيد على أن هذا الوضع لن يستمر كثيرًا، وأن الداخل الإيراني ربما يشهد عامًا مقبلا من عدم الاستقرار الاقتصادي، ومن ثم الأمني.
ويلفت خبراء اقتصاديون وسياسيون إلى ضرورة أن تغير إيران من نهجها وسياستها الخارجية، حتى تستطيع تغيير الوضع الداخلي، مشيرين إلى أن التصلب في المواقف السياسية الخارجية لن يجلب إلا مزيدًا من الأزمات الداخلية، وهو ما بدا جليًا في قضية انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي ثم استئنافها للعقوبات على إيران.
لكن ما حدث أن النظام بكل مؤسساته اتجه للضغط على الداخل بدلا من تغيير سياساته الخارجية، فإذا بالمرشد يأمر بإصلاح هيكل الميزانية، وأمر روحاني بنقل ممتلكات صناديق التقاعد ومنظمة الضمان الاجتماعي إلى الشركات، وتخفيض نحو 10 في المائة من القوى العاملة، وزيادة الإيرادات الضريبية، وكلها إجراءات لا تقدم حلولاً حقيقية لأزمات الاقتصاد، ناهيك بما تسببه من استياء عام يفاقم من الأزمات الأمنية بشكل حاد.