مِن "متى يرحلون؟" إلى "يجب أن يرحلوا"
يتساءل العاجزون من غير أتباع النظام الذین باعوا دینهم وإيمانهم لرجال الدين الشيعة وحرسهم الثوري في عام 1979 ليقيموا مبادئ مذهبهم علي العنف والكراهية ومعاداة الأجانب والمرأة .. يتساءلون بعد استیقاظهم من نوم طویل دام، ظلوا يتسائلون من المحللين ولسنین "متي يرحل هؤلاء؟" لکنهم منذ أغسطس 2017 قد تحولوا وهم یهتفون علنا : "علی الملالي أن یرحلوا" .
إن الخروج من مرحلة وهم إصلاح الحكومة لعب دوراً رئيساً في هذه الصحوة، ولم تكن هناك رسالة أوضح من هذه خلال العقود الأربعة الماضية إلى المؤسستین الحكوميتين الرئيستين للقمع والدعاية. البيروقراطية الدينية التي طورت وتوسعت قوتها وثروتها في إيران والعالم على مدى العقود الأربعة الماضية دون أي قيود قانونية ومالية، تواجه الآم رفضا متزايدا.
الاحتجاجات العامة .. مشاهد عادية
منذ أغسطس 2017حتی الآن أصبحت احتجاجات الشوارع في إيران قاعدة يومية. أهم جزء في هذا التمرد هو استهداف رجال الدين الشيعة. إن عدد هذه الاحتجاجات ومداها الواسع جعل الآلة القمعیة للنظام معطوبة، حیث لم یعد هناك احتمال لقمع من شأنه إنهاء الاحتجاجات في الشوارع بشكل حاسم.
وفي مدینة مشهد في 11 اغسطس2018 ظهر مسئولون في الحرس الثوري الإسلامي بين المحتجين حاولوا إقناعهم بمغادرة الشارع، الأمر الذي لم يكن متوقعًا قبل عام . أيضا، أولئك الذين وصفوا احتجاجات الشعب في أغسطس الماضي بالعبثية، عليهم الآن أن يجيبوا لماذا الوضع العام لمعظم المدن الإيرانية أخذ طابعا امنیا.
عقب احتجاجات أغسطس 2017 فلترت الحكومة التلجرام بأكثر من 40 مليون مستخدم في يناير، على أمل منع انتشار مشاهد الاحتجاجات العامة على الفور حتى يتم منع تسجيل عمليات القمع ونشرها عبر الهواتف، لكن المخطط فشل.
وفي شهر أغسطس من هذا العام، لا يزال 30 مليون شخص يمرون عبر حاجز التلجرام في الأيام الثلاثة الأولى من الاحتجاجات، وتم عرض مئات من مقاطع الفيديو من جميع أنحاء البلاد بشكل علني.
فشلت الحكومة في التعمية على الاحتجاجات،سواء التي أعلنتها القنوات الحكومية أو شبه الحکومية ومواقعها أو أعلنتها بشکل مقلوب ومشوه.
تصنف شعارات المحتجين في شهر آب / أغسطس في جميع أنحاء البلاد إلى ست فئات:1- تعبيرا لعدم کفاءة الحكومة، مثل "الموت للغلاء"، "لا نريد المسئول الغیر لائق"، "الغلاء، التضخم، بلاء علی الناس".
2-الفساد والنهب للموارد العامة من قبل الفئة الحاكمة، مثل "يا سكان القصور استحوا وارحلوا".
3-إهدار الموارد في الحروب الخارجية من قبل الحكومة، مثل "اشبعوا سوريا وشيبوا شبابنا، "لا غزة، ولا لبنان، روحي فداء إيران".
4-عجز الحكومة، مثل "البندقية والدبابات لا تجدي بعد"، "رضا شاه، یرحمك الله"، "المدفع والدبابة لم یجدیا، "خامئني.. الموت للديكتاتور"، "روحاني استحي واخرج من البلد"، "الموت لخامئني".
5-الدعوة للاحتجاج العام والاحتجاج على الظلم، مثل "الصمت يعني الخيانة"، "نحن جميعا معا"، "الوقح ، خيانة الأمانة".. "الإيراني الغيور، الدعم، الدعم"، "هذا الشهر شهر الدم ،الملا لي مهزومون" البسیجي ساقط "، "کفاك يا إيراني أظهر غيرتك".
6-مواجهة الدعاية السياسية الخادعة، مثل "عدونا هنا، و لیس أمريكا".
تشير جميع الشعارات في الفئات الست أعلاه إلى فكرة المتظاهرين بأنه لا يمكن إصلاح الحكومة والحاجة إلى انتفاضة عامة.
و في هذه الشعارات لا يوجد دليل على وجود برامج لأحزاب إصلاحية في العقدين الأخيرين، حتى لو لم یردد المتظاهرون هذا الشعار، "الإصلاحيون ، الأصولیون ، القضية انتهت" هم تركوا الحزبين ورائهم بشعاراتهم فعلا.
الفئات المکونة
تنوع الفئات التي شارکت في الاحتجاجات، ذكور وإناث، كبار السن والشباب، التجار، العمال والمعلمین، الفقراء والعاطلين عن العمل، هي أمور لا يستطيع أصحاب القدرة تحدیدها علی فئة خاصة واستصغارها بحجة عدم مشارکة "الطبقة الوسطى"مثلا، وانتساب المظاهرة بأثریاء شمال طهران والتقلیل من دوافع المتظاهرین، حیث لم یثبت أي تحقیق میدانی هذه الإدعاءات، ونظرا للمدن الصغيرة والكبيرة التي تحدث فيها الاحتجاجات وتنوع المطالبات، لا يمكن أن يقتصر المتظاهرون على مجموعة معينة أيضا.
في إيران اليوم توجد مجموعات غنية ومتوسطة ومنخفضة الدخل في جميع المدن والبلدات الكبيرة، ولا يمكن أن نقطع من اسم وحجم المدينة فيما يتعلق بالطبقة والدخل وثروة المتظاهرين.
العوامل الداخلیة والخارجية:
حاولت المعارضة للنظام في إيران وفي الخارج إلى إسناد مثل هذه الجهود إلى الحدود الخارجية، لكن الاحتجاجات التي وقعت في شهر آب (أغسطس) عام 2018 لا تقل أهمية عن احتجاجات كانون الأول / ديسمبر 2017، ولم يتم الإعلان عن انسحاب الولايات المتحدة بعد حيث تم تنظيم الاحتجاجات في يناير. أيضا، ولم تبدأ العقوبات حتى الآن عندما وقعت الاحتجاجات في أغسطس، و خلافاً لسياسات إدارة أوبا ما ، لا تسعى حكومة الرئيس الأمريكي "ترامب" إلى إرضاء الجمهورية الإسلامية وتريد الحد من تدخلاتها في المنطقة وبرامجها الخاصة بأسلحة الدمار الشامل، لكن هذه القضايا لا علاقة لها بالاحتجاجات العامة.
عدم المساعدة للنظام لا یساوي التخطیط للإطاحة به، حتى إذا كان مثل هذا المشروع موجودًا، فلا يوجد ما يدل على تنفيذه، كما أن العديد من مسئولي الجمهورية الإسلامية صرحوا أن مصدر المشاكل الاقتصادية للبلاد هو عدم الكفاءة والسياسات غير الملائمة والفساد وإهدار الموارد، وليس بالضرورة العقوبات.
وأظهرت الشعارات أعلاه أن الشكاوى والطلبات ليست مقتصرة على الشؤون الاقتصادية فقط ، حتى تكون الضغوط الاقتصادية الخارجية هي المصدر.