القوات الروسية في الموانئ الإيرانية بالخلیج
قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في موسكو، يوم الاثنين 2 سبتمبر (أیلول)، إن "إيران ترحب بمقترح روسيا بشأن أمن الخليج الفارسي"، الأمر الذي اعتبر تحقیقه متسقًا مع المحادثات الأخيرة التي أجراها قائد البحرية الإيرانية، حسين خانزادي، في روسيا، ومحادثاته المنفصلة حول "اتفاق عسكري سري" بين إيران وجارتها الشمالية، وتأکیده علی أن "هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التوصل إلى مثل هذا الاتفاق بين البلدين".
ویمکن تفسیر ذلك علی أنه تطور جیوسیاسي مهم في منطقة الخليج، حيث سافر حسين خانزادي إلى روسيا في أواخر يوليو (تموز) لمناقشة "التعاون غير المسبوق والسري مع روسيا"، الذي من المقرر أن يبدأ في الأسابيع القليلة القادمة عند مدخل مضيق هرمز.
ووفقًا لخطة صدرت سابقًا عن سلطات الجمهورية الإسلامية، وتم تعديلها لاحقًا، من المتوقع أن تُجرى مناورات بحرية ثنائية تقوم بها البحرية الروسية، وعدد من السفن العسكرية الإيرانية في المياه المتاخمة لمضيق هرمز، في المحيط الهندي، في الأسابيع القليلة المقبلة.
ووفقًا للمعلومات التي نشرتها عدة مصادر أجنبية، على مدار الشهرين الماضيين، من المتوقع أن تقدم وحدات من البحرية الروسية الخدمات الفنية والتعاون في مجال التدریب، بعد الانتهاء من مناورة مشتركة مع البحرية الإيرانية في ميناء تشابهار، وفي المياه المجاورة للمحيط الهندي.
في المرحلة التالية من التعاون العسكري بين البلدين، من المقرر أن تزور وحدات من البحرية الروسية بندر عباس، ثم تستقر في بوشهر والخليج.
وتتمثل المرحلة الأخيرة من خطة روسيا، للبقاء في موانئ الخليج الإيرانية، في استخدام قاعدة بوشهر الجوية ونشر الطائرات العسكرية لدعم الوحدات البحرية الراسیة في بوشهر وتشابهار والدفاع عنها.
عادة بعد نشر القوات الأجنبية في القاعدة البحرية لبلد ما، يتم توفير القاعدة الجوية أيضًا من قبل البلد المضيف للبلد الضيف، كما فعلت روسيا بعد تجديد العقد لمدة 40 سنة لاستخدام قاعدة طرطوس البحرية في سوريا، حیث جهزت قاعدة حمیمیم الجوية التي تقع على بعد مسافة قصيرة من طرطوس، والآن تم نشر نظام الدفاع الصاروخي S-300 لتحقيق الاستقرار في القاعدة الجوية، وعززت وجودها في البحر الأبيض المتوسط.
كما أن الولايات المتحدة- بالإضافة إلى استفادتها من خدمات القاعدة الجوية في المملكة العربية السعودية والكويت- فإن لديها قاعدة جوية متطورة للغاية، في العديد، جنوب غربي الدوحة، عاصمة قطر، من أجل حماية قاعدتها البحرية في البحرين، التي تضم أسطولها الخامس في الخليج.
وقاعدة العیدید مزودة بطائرات F-35 وF-22 وقد أضافت مؤخرًا أربع قاذفات ثقيلة من طراز B-52 إلى المعدات العسکریة في هذه القاعدة.
كانت روسيا حريصة على الوصول إلى مياه الخليج على مدار السنوات الـ400 الماضية، وقد أتاحت التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران والاعتماد المتزايد للجمهورية الإسلامية على روسيا، فرصة ذهبية لقادة الكرملين لتحقيق هذا الهدف التاريخي على حساب استقلال إيران.
وفي وقت سابق، انتهكت روسيا السيادة الإيرانية، يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) بإطلاقها 26 صاروخًا من طراز كروز على الأراضي السورية من سفنها الحربية الأربع في المياه المجاورة للأراضي الإیرانیة في بحر قزوين، مما أسفر عن سقوط أربعة منها على الأقل في الأراضي الإیرانیة.
كما أرسل الروس مدمرة إلى الخليج في ديسمبر (كانون الأول) 2012، في ذروة التوترات الإيرانية الأميركية، وظلت السفينة في المياه الإيرانية لبعض الوقت.
وفي أبريل (نيسان) 2013، أرسلت روسيا مدمرتين أخريين إلى الخليج، وظلت السفن في المنطقة لبعض الوقت بعد أن رست في بندر عباس.
وفي يوليو (تموز) 2018 أيضًا، وبعد الانتهاء من تدريب بحري هندي روسي مشترك في المحيط الهندي، رست سفن روسية وهندية عدة في ميناء بندر عباس، وذکر موقع "مشرق نیوز"، المملوك لفيلق الحرس الثوري، أن هذه الخطوة تهدف إلی تعزيز القدرة التقنية للبحرية الإيرانية.
ومن المقرر أن تقوم الهند بتطوير ميناء تشابهار، وسيتم تخصيص جزء من طاقته للخدمات العسکریة البحرية.
وعلى الرغم من أن المادة 146 من دستور الجمهورية الإسلامية تحظر نقل القواعد العسكرية إلى دول أجنبية، تحت أي اسم، فإن المادة 176 من نفس القانون تفسح المجال، إلی حد ما، أمام المجلس الأعلی للأمن القومي الإيراني لتخصیص القواعد العسکریة للقوی الأجنبیة أو أي اسم آخر "من أجل المصلحة الوطنية وحماية الثورة الإسلامية".
تنظر جمهورية إيران الإسلامية إلى إنشاء تحالف بحري تقوده الولايات المتحدة في الخليج باعتباره تهديدًا لوجودها، لكن اعتمادها المتزايد على روسيا وضع طهران الآن في وضع يسمح لها بتخصیص القواعد البحرية (في بوشهر وتشابهار)، إلى الجار الشمالي، على الرغم من الإنكار الواضح وتغییر اسم المستخدم، حتى إن کان ذلك على حساب انتهاك الدستور، ويتعارض مع السيادة الإيرانية والمصالح الوطنية.