بريطانيا على خُطى "باراك أوباما" في سداد ديونها لإيران.. بعد أكثر من 40 عامًا
من المحتمل أن تتخذ بريطانيا في المستقبل القريب قرارًا بسداد المبلغ الذي دفعه محمد رضا بهلوي (آخر شاه لإيران) في إطار صفقة لشراء معدات عسكرية من بريطانيا في سبعينيات القرن الماضي. وبموجب هذه الصفقة، كانت إيران تعتزم شراء الدبابات البريطانية شيفتان، التي كانت الأكثر تقدمًا في تلك الفترة، ولكن لم يتم تسليمها إلى إيران بعد ثورة 1979.
وفي حال تسديد ثمن هذه الصفقة، ستكون بريطانيا قد حذت حذو الولايات المتحدة، التي وقّعت في فترة ما قبل الثورة صفقة أسلحة مع طهران، وأعادت الأموال إلى إيران في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما.
وقد أراد الشاه، الذي جنى الكثير من الأموال في أعقاب أزمة النفط عام 1973، والارتفاع العالمي في أسعاره، أن يجعل الجيش الإيراني أقوى جيش في المنطقة، فدفع الأموال لبريطانيا مسبقًا لشراء أكثر من 1500 دبابة؛ تلقت إيران منها 185 دبابة فقط.
ورحبت بريطانيا بصفقة الأسلحة الكبيرة هذه بسبب ارتفاع تكلفة استيرادها للنفط. وأوضح وزير الخارجية البريطاني، ديفيد أوين، في فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): "للتعويض عن الأموال التي كان علينا دفعها لشراء النفط، وكان معظمه يأتي من إيران، لذا فقد كنا بحاجة إلى اتفاقيات تعويضية، وكان شاه إيران جاهزًا، وأراد شراء معدات عسكرية بريطانية. لذلك كنا على استعداد لبيعه أكبر عدد ممكن من الأسلحة، وصفقة الدبابات كانت ذات أهمية خاصة".
ورفضت بريطانيا تسليم الدبابات إلى نظام الجمهورية الإسلامية (الذي وصل إلى السلطة بعد سقوط الشاه)، ولم تردّ الأموال المدفوعة مقدمًا. وتشير التقديرات إلى أن بريطانيا مدينة بما لا يقل عن 400 مليون جنيه إسترليني مقابل الأسلحة التي لم تسلمها إلى إيران.
وتصدّر هذا الأمر نشرات الأخبار عندما قال وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، إن حكومته "تبحث عن طرق لسداد ديونها لإيران. ولكن بسبب العقوبات الاقتصادية الأميركية ضد إيران، والتي تم تشديدها في ظل إدارة ترامب، قد تجد لندن صعوبة في السداد لطهران".
وهناك بعض التكهنات بوجود علاقة بين أحكام السجن الصادرة بحق مزدوجي الجنسية الإيرانية- البريطانية، خاصة نازنين زاغري، المسجونة في إيران منذ عام 2016، وسداد هذا الدين القديم. إلا أن إيران وبريطانيا أكدتا مرارًا عدم وجود أي صلة بين الأمرين.
وكان وزير الخارجية البريطاني السابق، جيرمي هانت، قد قال: "إذا تم الإفراج عن نازنين قريبًا، فأعتقد أن الاعتراف بالدين القديم، والموافقة على سداده، سيكون لهما دور مهم".
وكان عام 2016 قد شهد أحداثًا مماثلة، حيث انتشرت التكهنات بأن إطلاق سراح السجناء الأميركيين في طهران ارتبط، حينها، بمطالبة إيران باسترداد الأموال المتعلقة بالأسلحة الأميركية التي لم يتم تسليمها.
وفي يناير (كانون الثاني) 2016، أرسلت الولايات المتحدة- خفية- إلى طهران 400 مليون دولار نقدًا، بعد تحويلها إلى عملات أخرى. وتزامن هذا التسليم مع إطلاق سراح 5 أميركيين، بينهم مراسل "واشنطن بوست" جيسون رضائيان. وبالطبع، جاء الإفراج عن السجناء في إطار عملية "تبادل سجناء" بين إيران والولايات المتحدة، حيث تم الإفراج عن مواطن إيراني و6 مواطنين مزدوجي الجنسية (إيرانيين- أميركيين) كانوا مسجونين في الولايات المتحدة لخرقهم العقوبات المفروضة على إيران.
وفي أعقاب الاتفاق النووي، اتفقت واشنطن وطهران على حل قضية الديون الأميركية بسدادها على دفعتين؛ دفعة أساسية قدرها 400 مليون دولار، ودفعة فائدة بقيمة 1.3 مليار دولار. وقد دفعت واشنطن المبلغ كاملاً (1.7 مليار دولار).
ويبدو أن ديون دبابات شيفتان تشبه ديون العقد الأميركي مع الشاه لبيع مقاتلات F14، وربما يمكن أن تتوصل لندن وطهران إلى اتفاق مماثل في المستقبل القريب، وبالطبع إذا تمكن بن والاس من اتخاذ الترتيبات، فسيتم حل النزاع الذي دام 40 عامًا في النهاية.