"الخطوة الرابعة".. تقليص المسافة بين إيران و"القنبلة"
إن تفعيل منشأة "فوردو" كمرفق ثانٍ للتخصيب، وإعلان ضخها لليورانيوم في أربعة أجهزة طرد مركزي من نوع "IR-6"، ينتهك أحد أكثر بنود الاتفاق النووي حساسیةً، حيث يقال إنها تتمتع بقدرة فصل تصل إلى 6 أضعاف قدرة أجهزة الطرد المركزي القديمة المثبتة في ناطنز، وهو ما يمكن أن يجلب "هروبًا نوويًا" لإيران، ويقلص فترة الحصول علی القنبلة النوویة من سنة إلى ستة أشهر، وأقل.
من المعروف أنه قبل توقيع الاتفاق النووي، كانت إيران تقوم بتخصيب اليورانيوم بتركيز 20 في المائة، في مرکز فوردو، الذي تم إنشاؤه تحت الأرض، وبعد إبرام الاتفاق، تم وقف تخصیب اليورانيوم في هذه المنشأة وتخصیصها لدراسة إنتاج النظائر المستقرة، والسماح لها بالعمل فقط باستخدام جهاز طرد مركزي متطور واحد، من نوع "IR-6"، دون حقن اليورانيوم.
إن سبب بناء منشأة تخصيب صغيرة سرًا أسفل الجبل، بسعة قصوى تبلغ 3000 جهاز طرد مركزي، رغم وجود منشأة ناطنز، الرسمية والأكبر بكثير (بسعة 40 ألف جهاز طرد مركزي)، السبب هو التخصیب بترکیز عالٍ، والحماية من العدوان العسكري الأجنبي.
لقد تم تصميم برنامج التطوير النووي الإيراني الحالي حصريًا لتحقيق القدرة التفجيرية النووية، وكان من المقرر متابعة صنع قنابل البلوتونيوم واليورانيوم في أراك، وفوردو، بطريقتين متوازيتين.
كان مركز ناطنز لتخصيب اليورانيوم بمثابة غطاء، وكان في الواقع، لإخفاء الهدف الرئيسي للبرنامج، أي القدرة على التحول إلی قوة عسكرية نووية، وهو المسار الذي أعقبه خفض تدریجي في التزامات إيران طبقًا للاتفاق النووي، منذ ثمانیة أشهر.
كانت خطوات إيران، حتى الآن، هي التحرك بحذر نحو بناء القدرات النووية بطريقة منعت الولایات المتحدة وحلفاءها الإقليميین من استخدام القوة العسكرية، بذریعة أنها خطوات صغیرة للأمام، وفي نفس الوقت أتاحت الفرصة لتوفیر اليورانيوم المخصب اللازم للانفجار، بما لا يقل عن 1200 كجم، بتركيز يصل إلى 4 في المائة.
في تطبيق هذه السياسة، قامت إيران، خلال الخطوة الرابعة، بالإبلاغ فقط عن تركيب سلسلتين من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة وحقنها بغاز اليورانيوم، ولم تتحدث بعد عن تخصیب بتركيز 20 في المائة.
وفي الوقت الحالي، يقدر یورانیوم إیران المخصب بنسبة 4 في المائة، بنحو 500 كغم، ويقدر الوقت اللازم للوصول إلى 1200 كغم، مع استخدام المعدات الجديدة، بفترة زمنية من 6 إلى 8 أشهر.
كما أن إیصال قدرة تخصيب "فوردو"، إلى القدرة الحالية لـ"ناطنز"، يحتاج إلى تركيب 600 جهاز طرد مركزي متقدم، وحقنها باليورانيوم، بدلاً من الـ 60 جهازًا التي أعلن عنها روحاني وصالحي.
وإذا ما تم الإعلان عن التخصيب بتركيز 20 في المائة، خلال المرحلة الخامسة من تخفيض التزامات إيران النووية، والتي تم تحديدها بأن تكون في اليوم الأول من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، كما أعلن علي أكبر ولايتي، في مقابلة مع القسم العربي من شبكة "فرنسا 24"، فإن الوصول إلی القدرة على إجراء الاختبارات الذرية، يكون قد تجاوز العقبة التقنية، ويعتمد على القرار السياسي للنظام.
إن تخصیب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، سیؤدي إلی خفض الوقت اللازم للتركيز المطلوب للاستخدام العسكري (90 في المائة يورانيوم 235 أو أكثر) إلی أکثر من 75 في المائة. وذلك بسبب العلاقة العكسية بين الوقت اللازم للوصول إلى النسبة المئوية المستهدفة والنسبة المئوية لتركيز القاعدة، أي الانخفاض التدریجي في الوقت كلما زادت نسبة التخصيب.
وإذا قامت إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، فلن یتحقق الهدف الأساسي للاتفاق النووي، الذي أعلن أنه لمنع تخفيض وقت الهروب النووي الإيراني لمدة عام، والذي أكد عليه أوباما مرارًا وتكرارًا، دفاعًا عن الاتفاق؛ وستتمکن جمهورية إيران الإسلامية من تخفیض هذا الوقت إلى أقل من 6 أشهر.
ومنذ بداية البرنامج النووي لجمهورية إيران الإسلامية، كان ولايتي علی علم بتطويره وتنفيذه، فقد أعلن قبل ذلك، في مقابلة أجريت معه، أنه أحضر أول جهاز للطرد المركزي (P1) شخصيًا، بالطائرة من باكستان إلى إيران، عندما کان یشغل منصب وزير الخارجية. كما أنه في المنصب الحالي، بوصفه مستشار علي خامنئي للشؤون الدولية، يعكس بشكل غير مباشر مواقف مرشد جمهورية إيران الإسلامية.
لقد تم نشر مقابلة ولایتي بالتزامن مع الإعلان عن الخطوة الرابعة بتقليص التزامات إيران النووية، ويمكن اعتبار هذا التوافق بمثابة تأكيد على التهديد المتمثل في تخفيض التزامات إيران والتحرك نحو القدرة العسكرية النووية.
یدعي ولایتي أن الدول الأوروبية فشلت في فتح حد ائتماني بقيمة 15 مليار دولار، لمواصلة التجارة مع إيران، وشراء النفط، وأن جمهورية إيران الإسلامية، إذا استمرت هذه الحالة، لن يمكنها الالتزام بالاتفاق النووي.
وبالتالي، إذا فشلت المفاوضات غير الرسمية الحالية- التي يدعي حسن روحاني أنها مستمرة، بين إيران والأطراف المشارکة في الاتفاق النووي، ولا سيما فرنسا، وأنها ستستمر حتى أول يناير (كانون الثاني) المقبل- فإن برنامج التطوير النووي الإيراني سیكون علی مفترق طریقین: وقف برنامج إیران النووي من خلال اللجوء إلی العمل العسكري ضد إيران، أو أن تتحول إيران إلى القوة النووية العاشرة في العالم بعد كوريا الشمالية.