هل أصبح روحاني في مواجهة المرشد؟
لقد صنع روحاني، في الأسبوع الماضي، ثلاثية سياسية انتقادية في هيكل السلطة الإيرانية، موجهًا رأس حربته إلى المرشد الأعلى. وهو الذي نأى بنفسه بعد الانتخابات الرئاسية في عام 2017 عن مواقف راديكالية متطرفة لمدة 19 شهرًا.
وقد فاجأ موقف روحاني المراقبين، في الشهر الحالي، من خلال إثارة انتقادات متتالية لوجهات نظر المرشد وعلاقات سلطته. ومع ذلك، كان من الواضح أنه كان يرد على خطط من شأنها أن تدفعه إلى هامش السلطة.
وقد انتقد روحاني هيكل علاقات السلطة في اجتماع الحكومة، وعزا شرعيته الكاملة إلى الانتخابات. على الرغم من أن هذا الإجراء لم يتمكن من خلق موجة سياسية في الرأي العام لأسباب مختلفة.
يجب أن نعرف على أي أساس فعل روحاني ذلك، لكن يجب أن لا يتجاهل المرء أن هذه التصريحات من الممکن أن تجعله أمام تحديات لمستقبله في السلطة.
أ- نقد السلطة الموروثة من الأب إلى الابن
خلال حديث في مجلس الوزراء يوم 9 يناير (کانون الثاني)، انتقد روحاني السلطة الوراثية في زمن الشاه، وأشار إلى أن غرض الناس من الثورة هو "الخلاص من الحكم الفردي والوراثي"، وأضاف: "ما كنا نسعى إليه في هذه الثورة هو إنقاذ أنفسنا من الحكم الفردي.. لا يحكمنا فرد واحد؛ لا يحكم شخص واحد على الناس كملك، ثم ننتظر عندما يموت أن يأتي ابنه للحکم. لقد ألغينا الأب والابن في الثورة، وأصبح الناس حكامًا".
يبين حديث روحاني وكيفية تطرقه أنه يتهکم على علاقات هيكل سلطة اليوم، ويظهر أنه كان منزعجًا من أن سلطة صنع القرار في جميع الأمور الهامة بید المرشد، وأن روحاني في المجالات الرئيسية للأمور التنفيذية، لا يستطيع أن يفعل شيئًا دون موافقة المرشد.
كما يعتقد أن التغييرات في مجلس الخبراء، وتهميش هاشمي رفسنجاني وخاتمي، والتغييرات الحالية في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وإبراز دور رئيسي في النظام، وأداء مؤسسة القيادة، كل ذلك يدل على رغبة المرشد في نقل السلطة إلى ابنه الثاني أکثر فأکثر.
إن انتقاد روحاني لهذا الاتجاه، استهدفَ في الواقع نقد مؤسسة القيادة، من خلال الإشارة إلى ذلك الأب والابن.. استهدف النظام السابق في الظاهر ولكن في الواقع کان يقصد العلاقات الحالية.
ونظرًا لحدة التهکم يبدو أن مسؤولي موقع الرئاسة أرادوا أن يغيروا بطريقة محافظة نص الحديث إلى "في الثورة قضينا على سلطة الأب والابن".
ب- العلاقة بين تصويت الشعب والسلطة
وفي حديثه، أشار روحاني مرة أخرى إلى علاقة التصويت والسيادة، وأكد على أن تصويت الشعب هو الذي يخلق الحکومة. التصويت هو الذي يکوّن البرلمان، ومجلس الخبراء، والتصويت البرلماني هو الذي يؤسس الحكومة.
وأشار إلى أن السيادة الوطنية كانت أهم إنجاز للثورة. وقال روحاني إن جميع الانتخابات التي جرت وستجري في البلاد وستعقد إن شاء الله في العام المقبل تظهر أن الحكومة في بلدنا تقوم على أساس الانتخابات وتصويت الشعب وصندوق الاقتراع.
إن حديث روحاني وتأكيده على آراء الشعب والشرعية التي أعطاها الشعب للحكومة، هي مقارنة بين رأيه المأخوذ مباشرة من الشعب، ورأي المرشد الذي أُخذ بشكل غير مباشر من مجلس الخبراء، وقدره أقل بكثير من التصويت في انتخابات الرئاسة، لكن صلاحياته واسعة للغاية، ولا يمكن لأي من المؤسسات التي يتم اختيارها تحت حدود رقابة مجلس صيانة الدستور أن تقرر بحرية.
ج- عدم الارتياح من التغييرات في مجلس تشخيص مصلحة النظام
استنادًا إلى السجل الإداري لروحاني في هيكل السلطة، منذ أربعين عامًا، وتقريبًا هي أکثر من باقي رجال الدين في مجلس تشخيص مصلحة النظام، کان المتوقع أن يرأس روحاني هذا المجلس.
وقبل عامين، بعد وفاة هاشمي رفسنجاني، كانت تدور شائعة في الأوساط السياسية مفادها أن هناك اقتراحًا عرض عليه بأنه إذا تخلى عن فترة الولاية الثانية، فسيصبح رئيسًا لهذا المجلس، ولکنه لم يقبل بهذا الاقتراح.
الاستنتاج
يبدو أن ميول روحاني نحو اليمين، والإجراءات التي نفذها هو ومدير مکتبه في المجالات المختلفة، من استبعاد الإصلاحيين من السلطة، إلى تمويل مؤسسات السلطة، ومنحها الامتيازات، والصمت السياسي من أجل کسب رضا الأصوليين والمرشد، للحفاظ على موقعه وتطويره بعد الرئاسة، لم يكن فعالاً حتى الآن.
ويبدو أن مؤسسة القيادة في المستقبل سترد على ردود الفعل هذه، وستكون النتيجة محاولة لمزيد من التهميش لروحاني وإظهاره مسؤولا عن هذا التدهور، الأمر الذي تقوم وسائل الإعلام الأصولية بالترويج له.
وفي غضون ذلك، تجاهل روحاني لشعاراته الانتخابية أيضًا أدَّى إلى أن لا تکون لانتقاداته مصداقية بين الناس.
وفي الأشهر المقبلة، مع تصاعد الأزمات، سنرى ما هي خيارات روحاني..
Se