وثائق استخبارات إيرانية مسربة تكشف التجسس على أميركا في العراق.. بأساليب قديمة
استنادًا إلى وثائق مسربة من وزارة الاستخبارات الإيرانية، تشير مجلة "إنترسبت" إلى أن طهران تتجسس على القوات الأميركية والعمليات العسكرية في العراق منذ سنوات، باستخدام تقنيات التجسس التقليدية القديمة، واستخدام المؤسسات الدينية وتجنيد عراقيين من الطائفة الشيعية.
ويشير التقرير، الذي تم نشره على موقع "إنترسبت"، الأحد 7 فبراير (شباط)، إلى قصص من أرشيف وثائق إيران الاستخباراتية حصلت عليها هذه المجلة من خلال "تسريب غير مسبوق".
ويحتوي هذا الأرشيف على تقارير ميدانية ووثائق استخباراتية تتعلق بالأعوام 2013 إلى 2015، تم إرسالها من مكاتب المخابرات في العراق إلى مقر وزارة المخابرات في طهران.
يشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تحصل فيها مؤسسة صحافية غربية على أرشيف كبير من الوثائق الاستخباراتية للنظام الإيراني.
وإضافة إلى توثيق نفوذ إيران في العراق، تظهر الملفات المسربة كيف يتم استخدام العراق كساحة قتال للجواسيس الأميركيين والإيرانيين.
وكتب موقع "إنترسبت" أن النفوذ الإيراني العميق في المناخ السياسي العراقي يعني أن وكالتين استخباريتين إيرانيتين مهمتين، وهما وزارة الاستخبارات وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، كانتا قادرتين على العمل بحرية في جميع أنحاء العراق لسنوات، وتطوير شبكة واسعة من المصادر السرية.
جاسوس في قاعدة عين الأسد
وجاء في بداية نص قصة جاسوس عراقي أنه كان يتجسس لصالح إيران منذ سنوات، على العمليات الأميركية في العراق. لكن بعد انسحاب معظم القوات الأميركية وتقليص الوجود الأميركي في العراق عام 2011، لم يكن لدى هذا الشخص سوى القليل من المعلومات لجذب الجانب الإيراني. وعندما انسحب الأميركيون بالكامل من العراق أهمل الجانب الإيراني هذا الجاسوس.. وفي وقت لاحق من عام 2015، بينما كان يشغل وظيفة في قطاع الأمن العراقي، كان لا يزال بحاجة إلى المال، لذلك تواصل مع الجانب الإيراني لتقديم طلب للحصول على وظيفته القديمة كجاسوس مزدوج.
ولكن بسبب مرور وقت طويل على وظيفته السابقة، كان عليه أن يمر بجميع خطوات التوظيف مرة أخرى. ويشير موقع "إنترسبت" إلى أنه خلال المقابلة وعملية المراجعة، قال الرجل العراقي شيئاً يجذب الجانب الإيراني، وهو أن صديقه يدعي أنه يستطيع التجسس لصالح إيران من داخل القاعدة الجوية الأميركية "إنجيرليك" في تركيا. فطلبت إيران من الرجل العراقي التحدث مع صديقه للتعاون.
وبعد تكليف هذا الرجل العراقي بمهمة، تحدث إلى صديقه في تركيا، فأبلغه صديقه بأنه يريد أيضًا التعاون مع إيران، ولكن بسبب الظروف الأمنية لهذه القاعدة، فإن اتصالاته المنتظمة مع إيران ستكون صعبة.
ويشير الرجل العراقي إلى أن صديقه ذهب إلى الولايات المتحدة لمدة شهرين، وعند عودته سيعمل في قاعدة عين الأسد الجوية، حيث يمكنه العمل لصالح إيران بسهولة أكبر.
يذكر أن "عين الأسد" هي قاعدة هاجمتها إيران في يناير (كانون الثاني) 2019 انتقاما لمقتل قاسم سليماني.
ورغم أن الجانب الإيراني بدأ التعاون مع هذا الشخص العراقي من خلال إعطائه رمزًا، إلا أن الوثائق لا تذكر ما إذا كان صديق هذا الشخص العراقي قد تجسس لاحقًا لصالح إيران من تركيا أو العراق أم لا.
التأثير على وزارة الخارجية الأميركية
واحتوى المقال، الذي شارك في نشره "إنترسبت" و"نيويورك تايمز" عام 2019، على وثيقة تشير إلى أن وزارة الاستخبارات الإيرانية قد وظفت أو على الأقل حاولت تجنيد جاسوس داخل وزارة الخارجية.
ولم يتم الكشف عن اسم هذا الشخص، لكنه وُصف بأنه يعمل في وزارة الخارجية في الشأن العراقي. وحصلت "إنترسبت" على جزء فقط من التقرير الداخلي لإيران غير المؤرخ حول هذه القضية.
وتنص وثيقة وزارة الخارجية على أنه "نظرا إلى مسؤولياته في وزارة الخارجية الأميركية وخلفيته ومعرفته، فإنه يتمتع بوصول جيد إلى المعلومات السرية".
وفي عام 2020، اعتقل مكتب التحقيقات الفيدرالي شخصاً على علاقة بإحدى قضايا التجسس الإيرانية في العراق.
تجدر الإشارة إلى أن ماريام طومسون، المترجمة في مينيسوتا التي عملت مع الجيش الأميركي في العراق، تم اتهامها بتسريب معلومات تكشف عن عملاء سريين أميركيين إلى حزب الله، المدعوم من إيران في لبنان.
وتظهر المحاكمة التي شكلت في هذه القضية، هذا الشهر، أنها تنوي الإقرار بالذنب.
الطرق التقليدية والمؤسسات الدينية
وتشير الوثائق التي سربتها "إنترسبت" إلى أن عمليات الاستخبارات الإيرانية تتم عادة في جميع أنحاء العراق في ظل المشاركة الضئيلة من المفتشين الأميركيين.
وتظهر هذه الوثائق أن أحد أسباب نجاح عملاء المخابرات الإيرانية قد يكون أنهم يستخدمون الأساليب التقليدية والقديمة لمنع الكشف عن مصادرهم عند لقائهم بهذه المصادر.
وكتبت "إنترسبت" أن الأساليب الإيرانية القديمة قد تكون مفيدة إلى حد ما في تجاوز المراقبة الأميركية، حيث يعتمد الإيرانيون هذه الأساليب أكثر من التقنيات الحديثة.
وبحسب التقرير، فإن الإيرانيين يستغلون المؤسسات الدينية والثقافية والأحداث في العراق لأغراض استخبارية.
يذكر أن العديد من عملاء إيران العراقيين هم من المسلمين الشيعة، لذا فإن الزيارات الشخصية للمواقع الدينية الشيعية في العراق توفر تغطية جيدة لاجتماعات التجسس التابعة لوزارة المخابرات.
التكنولوجيا الإيرانية مخيبة للآمال
كما تظهر الوثائق المسربة أن الإيرانيين اعتمدوا أحيانًا على التكنولوجيا الإلكترونية لتنفيذ عمليات التجسس في العراق، الأمر الذي كان محبطًا ومزعجًا في بعض الأحيان.
وفي إحدى الوثائق، أبلغ مسؤول مخابرات بغضب عن فشل محاولته في المراقبة الإلكترونية لأحد مخبريه العراقيين. وكان هذا الرصد للتأكد من أن المخبر قدم معلومات دقيقة إلى إيران.
هذا وكشف مسؤول في المخابرات العراقية عن أجهزة تجسس إيرانية وأصر على تغيير خطط لقاءاته، بحسب ما أفاد مسؤول بوزارة المخابرات الإيرانية.