تشاهد صفحة من الموقع القديم لـ Iran International لم تعد محدثة. قم بزيارة iranintl.com لعرض الموقع الجديد.

إيران.. عودة "الكوبونات" وعقد الثمانينيات

ربما تكون کتّافات العباءات النسائية، والكاستات غير المصرح بها، وبنطلونات الرجال العريضة، والتخوف من مداهمة الأعراس من قبل لجان الثورة الإسلامية، وغيرها، ربما كان كل ذلك وغيره من حالات استعادة بعض ملامح عقد الثمانينيات، التي ما زالت عالقة في أذهان ونفوس الإيرانيين. لكن بجانب هذه الحالات، فإن "الكوبون"، وانتظار الإعلان عن الرقم، ثم طوابير الانتظار الطويلة، كل ذلك يعد ضمن ملامح صورة غير قابلة للانفصال عن هذا العقد.

تعود قضية الكوبونات إلى ما قبل أربعة عقود، ففي خريف عام 1980 كانت الحرب العراقية الإيرانية قد بدأت للتو. وفي أقل من عامين انخفضت صادرات النفط الإيرانية إلى 1.5 مليون برميل يوميًا عن المتوسط اليومي البالغ 4 ملايين برميل يوميًا عام 1979، حيث إن عدم الاستقرار البحري الناتج عن الحرب أعاق عبور السفن وبيع الكمية نفسها من النفط.

من ناحية أخرى، قام "الطلاب التابعون لخط الإمام"، الذين أطلقوا على أنفسهم فيما بعد اسم "الإصلاحيين"، بتنفيذ عملية احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية بطهران. وهو الحادث الذي تسبب في أن تصبح الجمهورية الإسلامية الحديثة وثوارها المتطرفون في عزلة دولية متزايدة اقتصاديًا وسياسيًا.

وهكذا، في أوائل خريف عام 1980، تم تشكيل مقر يسمى "التعبئة الاقتصادية للبلاد"، في حكومة محمد علي رجائي، وتحت إشراف رئيس الوزراء، للسيطرة على "الاقتصاد في زمن الحرب". تتمثل إحدى المهام الرئيسية للمقر في توفير السلع الأساسية، مثل: السكر، والزيت، واللحوم، والأرز، من خلال توزيع الكوبونات. ولكن لاحقًا شملت دائرة هذه "السلع الأساسية"، دفاتر الواجبات المدرسية، وأقمشة العباءات، وحتى السجائر. وبهذه الطريقة، لم يدخل مفهوم الكوبون في الاقتصاد السياسي فحسب، بل دخل أيضًا في الحياة اليومية للمواطنين.

ولكن بعد انتهاء الحرب، وفي أوائل التسعينيات، فقدت الكوبونات دورها الرئيسي في حياة المواطنين، ومع ذلك استمرت على فترات مختلفة حتى الإعلان عن "دفع الإعانات النقدية" عام 2010.

غير أن مفهوم الكوبون، إلى جانب وظيفته وتعريفه الاقتصادي، يذكرنا بسنوات الحرب، وخبر الإعدامات الجماعية، والسجن، والقمع؛ يذكرنا بمجتمع يمر بأزمة، وانعدام أمن، وعدم استقرار.

أما اليوم، وبعد أربعة عقود من ثورة 1979، وفي حين كان من المفترض- وفقًا لبعض الثوار- أن تصبح إيران "اليابان الإسلامية"، اعتمد البرلمان قرارًا في بداية شهر مارس (آذار) بموجبه تقوم الحكومة في العام المقبل باستيراد السلع الأساسية بالعملة الحكومية وتوزيعها من خلال "الكوبونات الإلكترونية". وتحقيقًا لهذه الغاية، يتوفر 14 مليار دولار للحكومة، مما يعني "عودة الكوبونات".

السؤال الرئيسي: لماذا عادت الكوبونات؟

في نظرة قصيرة، يجب أن يكون السبب الأكثر أهمية لعودة الكوبون هو فشل دولار 4200 تومان الحكومي (المعروف باسم دولار جهانغيري) من أجل السيطرة على الأسعار وتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، فوفقًا للإحصاءات الرسمية، رغم أن هذه "العملة الحكومية" كان من المقرر أن تسيطر على تضخم السلع لكن نفس السلع شهدت تضخمًا يتجاوز 50 في المائة.

ومن ناحية أخرى، فإن الطوابير الطويلة لشراء اللحوم المستوردة، وارتفاع أسعار اللحوم إلى أكثر من 110 آلاف تومان، تظهر بوضوح أن العملة الحكومية لم تعجز فقط عن حل مشكلة معقدة من حياة طبقات المجتمع الضعيفة، بل فتحت نافذة أخرى من الفساد والريعية والعمولة لمجموعة معينة.

ومع ذلك، ووفقًا لبعض المسؤولين، فقد خصصت الحكومة نحو مليار دولار للتحكم في سوق اللحوم، لكن النتيجة لم تكن سوى إذلال المواطنين الذين يسعون للحصول على اللحوم المجمدة. ناهيك عن الحيوانات مجهولة المصدر، ونوعية اللحوم التي تم تسليمها للمواطنين بعد ساعات من الانتظار.

لكن إذا نظرنا نظرة واسعة، فإن عودة الكوبونات للاقتصاد الحرج في إيران ليس غريبًا، حيث إن اقتصاد الجمهورية الإسلامية غارق في وحل الفساد، وعدم الكفاءة، والريعية، وسيطرة الحكومة، حتى إنه لا يمر أسبوع لا ينشر فيه خبر عن الفساد والاختلاس في إحدى مدن البلاد؛ ومؤخرًا حطّم الفساد في قطاع البتروكيماويات أعلى رقم قياسي في الفساد الاقتصادي.

والمحصلة أنه في ظل اقتصاد غارق في وحل الفساد وعدم الكفاءة؛ لن تُحدث الكوبونات تغييرًا كبيرًا في حياة المواطنين.. ربما، في المنافسة بين المفسدين، ستتوفر فرصة جديدة للاختلاس.

وفي هذا السياق، قال وزير النفط وكذلك البريد والتلغراف والهاتف الأسبق، محمد غرضي، عن السرقة التي حدثت في الثمانينيات من خلال الكوبونات: "في عام 1989، كان عدد سكان البلاد نحو 50 مليون نسمة، ولكن کانت توزع 68 مليون كوبون على المواطنين، حيث كانوا يصدرون الكوبونات بأسماء المتوفين أيضًا"، فضلاً عن انطلاق "السوق السوداء للكوبونات"؛ فما بالك باليوم؟

النقطة المثيرة للاهتمام هي أن مشروع القانون الأخير للبرلمان "غامض"، وليس من الواضح، على سبيل المثال، ما الآليات التي تم توقعها في تخصيص الكوبونات، واختيار العوائل، ومراقبة توزيع البضائع، وكذلك الشركات ذات الصلة، وهو غموض سيفتح الباب لدخول المفسدين، وبالطبع ستنتشر الفضائح الاقتصادية في وقت لاحق.  

لقد ادعى مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، خلال خطاب له، أنه "يمكن للجمهورية الإسلامية أن تعمل شيئًا يحوّل هذه العقوبات بنسبة 100 في المائة لصالح الشعب".

كما قال حسن روحاني في سبتمبر (أيلول) الماضي، ردًا على سؤال عدد من نواب البرلمان: "لا تقولوا وراء المنصات نحن في أزمة. والله نحن لسنا في أزمة. نحن في مرحلة خسارة وأحيانًا نكون على حافة التهديد".. وأضاف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018: "العقوبات لن تؤثر ونحن سنبيع نفطنا".

ويكرر كثير من مسؤولي النظام كالببغاء، طاعةً للمرشد علي خامنئي: "العقوبات تؤدي إلى الاكتفاء الذاتي وتزيد الإنتاج المحلي".

إن قرار البرلمان بعودة الكوبونات، بغض النظر عن نتائجه، يفند مزاعم ساسة الجمهورية حول عدم تأثير العقوبات، ويزرع الخوف في قلب النظام من موجة جديدة من الاحتجاجات، مثلما حصل في يناير (كانون الثاني) 2018، وهي احتجاجات، على الرغم من جذورها الاقتصادية، سرعان ما وصلت إلى شعارات صارمة ضد البنية السياسية الكاملة للجمهورية الإسلامية: “ أيها إصلاحي وأيها الأصولي … إنتهت القضية".

ويعرف النظام أفضل من المعارضة أن بقاء هذا الهيكل غير الفعال والاستبدادي أصبح صعبًا، وربما لن يتحمل موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية، فإن شح السلع الأساسية وأسعارها المرتفعة يشكلان شرارة صغيرة لبنزين غضب الشعب الذي يقف اليوم في الطوابير ينتظر اللحوم المجمدة، وقد يقف في السنة القادمة في طابور الكوبونات، ويسمع أخبار اختلاس المليارات.

 

 

 

 

الباحث في مجال الاقتصاد السياسي
إيران بالمختصر
ذكرت صحيفة "همشهري" الإيرانية أن بعض الأشخاص، ومن خلال وصولهم إلى أنظمة وزارة الصحة، يقومون بإصدار شهادات لقاح "استرازينكا" مزورة بمقابل يتراوح ما...More
قال صدر الدين عليبور، مدير منظمة إدارة النفايات في بلدية طهران، إن المنظمة قررت استبدال صناديق النفايات الموجودة في طهران بصناديق مغلقة؛ حتى "لا...More
أعلن محمود نيلي، رئيس جامعة طهران، عن إرسال رسالة إلى رئيس السلطة القضائية في إيران، غلام حسين محسني إجه إي، من أجل الإفراج عن الطالب السجين كسرى...More
ذكرت صحيفة "شرق" أنه لا يمكن للإيرانيين المقيمين في جورجيا العودة إليها. وكتبت أنه حتى الإيرانيون الذين يحملون جوازات سفر وبطاقات إقامة جورجية ظلوا...More
أفادت وسائل إعلام هندية عن إيقاف زورق إيراني يحمل هيروين. وكانت وسائل إعلام هندية قد قالت إن حرس الحدود وشرطة مكافحة الإرهاب ضبطوا زورقًا إيرانيًا...More