أظهرت بنود ميزانية العام المقبل في إيران أن حصة "مؤسسة قاسم سليماني الثقافية" التي تديرها ابنته زينب، ستتلقى مبلغًا يساوي حصة تمكين أكثر من 3 ملايين امرأة معيلة في إيران.

وفي الدقائق الأولى من عرض الخطوط الرئيسية لميزانية العام المقبل الإيراني على البرلمان، أشار البعض إلى أنه لأول مرة لم يحضر رئيسا السلطة القضائية والتنفيذية في البرلمان، عند تقديم مشروع الميزانية، وذلك بسبب خلافاتهما.

ولكن اللافت للنظر بخصوص هذه اللائحة ما اشتملت عليه بنودها؛ حيث أعربت معظم وسائل الإعلام عن استغرابها من لائحة ميزانية العام المقبل، إذ تم تخصيص مبالغ ضخمة للمؤسسات المذهبية، وذلك وسط أوضاع اقتصادية مزرية وصعبة تعصف بالبلاد، حتى إن بعض المسؤولين الرسميين كانوا قد أشاروا سابقًا بشكل ضمني إلى أن "أكثر من نصف" سكان إيران تحت خط الفقر.

وكتب موقع "تجارت نيوز" أن "ميزانية بعض هذه المؤسسات تعادل أضعاف حصة الوزارات أو المنظمات الكبرى في البلاد".

يشار إلى أن الفجوات بين الأجهزة التنفيذية والدينية اتسعت بشكل ملحوظ، مع الكشف عن ميزانية "مؤسسة قاسم سليماني"، ولم يتم الإعلان عن أسماء المؤسسين أو لائحة أعمالها وأهدافها بشكل واضح ومفصل.

ومن المقرر أن تخصص الحكومة الإيرانية ميزانية قدرها 8.5 مليار تومان إلى هذه المؤسسة، كما أعلنت منظمة التخطيط والميزانية الإيرانية أنه تم في العام الماضي أيضًا تخصيص 10 مليارات تومان للمؤسسة المذكورة نفسها.

وتتضمن لائحة الميزانية للعام الإيراني المقبل أسماء لمؤسسات مذهبية أخرى، بما فيها: الحوزات العلمية، والباسيج، ومراكز الدراسات الإسلامية، ومنظمة الدعاية الإسلامية، ولجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و...، وهي منظمات ارتفعت حصتها أضعاف ميزانية العام الماضي، بحسب ما كتبه موقع "تجارت نيوز".

وأجرى المراقبون تحقيقات حول الميزانيات التي خصصتها الحكومة لهذه المؤسسات ومقارنتها بالمؤسسات التنفيذية، وهي مقارنة تظهر ببساطة إلى أي مدى رجحت الجمهورية الإسلامية تربية المؤيدين الدينيين والدعاية الإسلامية على الظروف المعيشية، وإعمار البلاد والخدمات والرفاهية للشعب الإيراني.

يأتي ذلك وسط أوضاع متأزمة من تفشي فيروس كورونا وتشديد العقوبات على إيران، وتفيد الإحصاءات الواردة أن خط الفقر لأسرة مكونة من 4 أفراد وصل إلى 10 ملايين تومان، كما فقد مليونا شخص على الأقل وظائفهم وسط أزمة كورونا، وانخفض استهلاك اللحوم والأرز والفواكه بشكل ملحوظ بين 70 في المائة من أسر العاطلين عن العمل.

كما تظهر مراجعة لوائح الميزانية أن ما لا يقل عن 43 مؤسسة ذات توجه وأداء ديني في إيران من المقرر أن يتم تخصيص أكثر من 725 ألف مليار تومان لها من إيرادات البلاد.

ولكن ما يثير الاهتمام، ويلفت النظر هو وضع أرقام ميزانية هذه المؤسسات مقابل ميزانية قطاعات مثل البيئة، والتعليم العام، والتوظيف، والتنمية.

أرقام تتحدث

وفقًا لتفاصيل قسم "البنود المتنوعة" في وثيقة الميزانية التي أعدتها حكومة حسن روحاني، فإن توسعة ثقافة قراءة الكتب في وزارة الثقافة والإرشاد مع 1.8 مليار تومان، تتلقى أقل من عُشر مقدار المنح لـ "صندوق شراكة تنمية الثقافة القرآنية"؛ كما أن معهد نشر أعمال روح الله الخميني بـ 35.5 مليار تومان يتلقى مرّة ونصف المرّة ضعف الميزانية لإعداد وإدارة المتاحف والمباني التاريخية.

وتصبح المقاربة مثيرة للاهتمام حين نعرف أنه وفقًا لرئيس منظمة حماية البيئة، فقد احترق في هذا العام 25000 هكتار من الغابات والمراعي في البلاد، حتى الآن، وأن ميزانية نفقات مكافحة الحرائق في هذه المناطق تبلغ 5 مليارات تومان أقل من "لجنة راهيان نور" التي تنظم للطلاب والطالبات تحت إدارة الحرس الثوري جولات سياحية في مناطق العمليات بالحرب الإيرانية العراقية بموازنة 30 مليارًا.

من ناحية أخرى، وبينما تقول منظمة الغابات إن 12 ألف هكتار من الغابات يتم تدميرها سنويًا في البلاد، فإن ميزانية وقف استغلال الغابات في شمال البلاد ستكون أقل بكثير من ميزانية "المجلس الأعلى للحوزات العلمية" البالغة 651 مليار تومان. كما سيتم تمويل مشروع إنقاذ بحيرة أورمية بعُشر ميزانية "جمعية المصطفى العالمية" التي تتلقى 465 مليار تومان.

يظهر الخطاب الديني نفسه في قطاعات الهندسة المدنية والتوظيف والنقل الحضري

وفي حين أن المساعدة المتعلقة بشراء الحافلات في المدن الكبرى هي 500 مليار تومان فقط، أي حوالي 100 حافلة، فإن مركز خدمات الحوزات العلمية وحده يتلقى ميزانية قدرها 1000 مليار تومان.

ولفهم عواقب نهج الميزانية هذا، يجب أولًا النظر في إحصائية أخرى؛ حيث تسبب نظام التدفئة القديم وغير القياسي في مدارس البلاد في وقوع حوادث عدة مرات في السنوات الأخيرة، ووفقًا لما ذكره نائب وزير التعليم، فإن ما لا يقل عن 136000 صف دراسي ليس فیه نظام قياسي.

وبالنظر إلى هذه الإحصائية، تجدر الإشارة إلى أنه أمام بند "توريد وتوحيد نظام التدفئة لـ 100ألف صف دراسي" لوحظ الرقم "صفر"، وستكون ميزانية تجهيز وترميم مدارس الدولة 45 مليار تومان. في نفس الظروف، يتلقى مجلس وضع السياسات للحوزات العلمية الدينية للسيدات ميزانية قدرها 325 مليار تومان.

كما ستُخصص ميزانية قدرها 3 مليارات تومان للبنية التحتية لمسيرة أربعين الإمام الحسين في خوزستان وكرمانشاه وعيلام، بينما في نفس اللائحة لم يتم تحديد ائتمان لبند "تطوير خرمشهر وعبادان".

في هذا النظام وفي ظل هذه الميزانية فسوف تكون المناطق الأقل نموًا أيضًا ضحية للميزانيات الدينية.