ميزانية إيران الجديدة: ارتفاع في التكاليف وغموض في تحقيق الدخل
أعدت الحكومة مشروع قانون ميزانية 2019 لتقديمه إلى البرلمان. ومن بين تفاصيل مشروع القانون المعلن، يمكن ملاحظة بعض النقاط الرئيسية في الاقتصاد الإيراني، العام المقبل.
زيادة الرواتب أقل من معدل التضخم
أعلن كبار المسؤولين الحكوميين أن "دعم سبل عيش عموم المواطنين والعدالة الاجتماعية"، و"دعم الإنتاج والعمالة"، هما من السمات الرئيسية لمشروع قانون الميزانية لعام 2019. ويعتبر دعم سبل العيش لعموم المواطنين شعارًا رئيسيًا لميزانية العام المقبل، حيث ارتفعت رواتب موظفي الحكومة بنسبة 20 في المائة.
وإذا ما قورنت هذه الزيادة بتنبؤ صندوق النقد الدولي الذي قدّر التضخم في إيران بنحو 34 في المائة، في العام القادم (وهو ما بين يناير/ كانون الثاني، المقبل ويناير/ كانون الثاني من العام الذي يليه)، يتضح أن القوة الشرائية لموظفي الحكومة لن يتم تثبيتها فقط، بل ستنخفض، حيث من المتوقع أن تكون رواتب موظفي الحكومة أقل من معدل التضخم المقدر.
حصة الإعانة النقدية العالية في التکاليف الحكومية
تكوِّن الإعانة النقدية جزءًا كبيرًا من التکاليف الحكومية، ووفقًا لرئيس منظمة التخطيط والميزانية، محمد باقر نوبخت، سيتم دفع 142 ألف مليار تومان من الإعانات النقدية (لجميع القطاعات)، في العام المقبل. وبالإضافة إلى ذلك، تستمر الإعانات غير النقدية، لذا تم تخصيص "7 آلاف مليار تومان في الميزانية، لدعم سبل العيش للأسر المعوزة، و37 ألف مليار تومان للصحة، و15 ألف مليار تومان للتنمية المتوازنة في المنطقة، و8 آلاف مليار تومان لدعم القمح".
تغطي هذه المبالغ من الإعانات أكثر من 30 في المائة من التکاليف الحكومية، وهو ما يعكس العبء الثقيل للإعانات. وهذا العبء الثقيل هو الذي وقف وراء عجز الميزانية في السنوات الأخيرة.
وقال رئيس منظمة التخطيط والميزانية، في اجتماع مع الصحافيين حول الميزانية: "وفرنا ثلاثة آلاف مليار تومان من البنوك، بفائدة قدرها 20 في المائة لدفع المزيد من المال لمزارعي القمح”.
ويعكس هذا النوع من التمويل زيادة التزامات الحكومة تجاه البنوك، ونظرًا إلى الظروف غير الملائمة للنظام المصرفي في البلاد، فإنه يعد خطوة مقلقة وفي نفس الوقت يظهر تردي وضع العجز في الميزانية.
أسعار مختلفة للعملة من أجل استيراد البضائع
في ميزانية العام المقبل، تم تخصيص 14 مليار تومان للسلع الأساسية والأدوية والمدخلات الزراعية، بسعر 4200 تومان للدولار.
ووفقًا لإعلان رئيس منظمة التخطيط، "سيتم أيضا إدخال البضائع الأخرى بسعر 8 آلاف تومان لکل دولار".
ونخلص من هذين السعرين إلى أن "سعر العملة الفعال" سيكون 5800 تومان.
نؤكد فقط أن هذه الأسعار هي لحساب أرقام الموازنة، ولكنه غير موجود في الممارسة العملية.
تحدي العقوبات للإيرادات الحكومية
تعتبر سنة 2019 واحدة من أصعب السنوات المالية والاقتصادية التي ستمر على البلاد، خلال النصف قرن الأخير. الولايات المتحدة ستسعى- بعد انتهاء مهلة الـ6 أشهر التي أعطتها لمشتري النفط الإيراني- إلى قطع الصادرات النفطية أو تخفيضها بشكل كبير. لذلك، وكما كان الحال في السنوات السابقة، لا يمکن لإيران أن تعوّل بشکل کبير على العائدات النفطية. يتضح هذا التحدي عندما نعرف أن أكثر من ثلث الإيرادات الحكومية من المتوقع أن يأتي من مبيعات النفط.
في الوقت نفسه، تشير التقديرات الحكومية لخفض العوائد الجمركية، إلى تحدٍ آخر للعقوبات على الميزانية، حيث إن تأثير العقوبات على التجارة الخارجية لإيران سيقلل عائدات الحكومة من الرسوم الجمركية. ووفقًا لرئيس منظمة التخطيط، فإن الإيرادات الجمركية ستنخفض بنسبة 10 في المائة، ومن المحتمل أن يستمر حظر استيراد السيارات.
ومع التحديات الرئيسية التي تواجه مبيعات النفط وعائدات الجمارك، تخطط الحكومة لتلقي ضرائب أكثر مما كانت عليه في العام الماضي. أي من أجل التعويض عن إنفاقاتها تريد أن تجبر دافعي الضرائب على دفع ضرائب أعلى. هذا الضغط، مقترنًا بضغوط العقوبات، ليس خبرًا سارًا للنشطاء الاقتصاديين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الزيادة في الضرائب تم إقرارها رغم أن الإحصاءات تشير إلى أن اعتماد إيرادات العام الحالي كان 114 ألف مليار تومان، ولكن وفقًا للإحصاءات الرسمية، فإن نحو 10 آلاف مليار تومان لم تتحقق في الأشهر الستة الأولى من هذا العام.
حكومة كبيرة مع خدمات صغيرة
أحد البنود التي لم يتم الالتفات إليها في الميزانية يتعلق بالشركات المملوكة للدولة، حيث يتم إنفاق إيرادات هذه الشركات داخلها ويتم إعطاء أرقام فقط في مشروع قانون الميزانية. هذه القضية تذکّرُ بتدخل الحکومة الواسع في الاقتصاد الإيراني، الذي أسفر عن حكومة كبيرة وفي نفس الوقت أداء نسبي منخفض في تقديم الخدمات الحكومية.
تُظهر مقارنة الإحصاءات أن الحكومة تختلف اختلافًا ملحوظًا في لعب دورها عن بقية دول العالم، وهذا يعني أن مستوى السلع العامة والصحية في البلاد أقل مما هو عليه في كثير من البلدان المتقدمة.
تحتل الحكومة الإيرانية في التقرير الاقتصادي الحر لعام 2017، الصادر عن مؤسسة فريزر، المرتبة 127.
الإدارة المركزية والإدارة العامة والقطاع العام، كنا أمام ثلاثة تعريفات وأحجام مختلفة عن دور ومکانة الحكومة في الاقتصاد الإيراني.
الإدارة العامة، بالإضافة إلى مؤسسات الإدارة الخاصة، تشمل البلديات ومنظمات التأمين والضمان الاجتماعي، ولكن نظرًا لمشاركة الحکومة على نطاق واسع من خلال الشركات والبنوك والمؤسسات العامة الأخرى، فإن حجم القطاع العام يختلف بشكل كبير عن الإدارة المركزية والإدارة العامة.
لذلك فإن ميزانية هذا القطاع تزيد على 70 في المائة من إجمالي ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الميزانية العامة. ووفقًا لخطط التنمية بالبلاد، كان من المفترض أن يتم تخفيض حجم الحكومة كل عام وأن يقل تدخلها، ولكن من الناحية العملية، لم نشهد كثيرًا من هذا الخفض، وهي قضية ظهرت في ميزانية الحكومة.
يشار إلى أنه يُسمح للحکومة، في حال التقدير، أن تأخذ 15 في المائة زيادة على هذا الرقم من عائدات النفط من أجل التکاليف.