غالبًا ما تكون عناوين واهتمامات الصحف الورقية الصادرة يوم السبت متنوعة، حيث لا تصدر الصحف يوم الجمعة، إلا أن خبر وفاة مستشار المرشد ورئيس هيئة الأركان السابق للقوات المسلحة، حسن فيروز آبادي، بعد إصابته بفيروس كورونا أخذ حيزًا كبيرًا من عناوين الصحف، في حين كانت العناوين الأولى للصحف المقربة للرئيس، مثل "كيهان" و"جوان"، عن زيارة إبراهيم رئيسي لمحافظة بلوشستان؛ تلك المحافظة التي يعاني سكانها السُّنة من الفقر والحرمان رغم الوعود المتكررة للحكومات المتعاقبة بتحسين الوضع في تلك المنطقة.

وعنونت صحيفة "كيهان" عن زيارة "رئيسي": إزالة الحرمان والتنمية الاقتصادية في برنامج رئيسي خلال زيارته لبلوشستان". 

كما كتبت الصحيفة نفسها، المعروفة بـ "صحيفة المرشد"، التي كانت تعارض صراحة أي تفاوض مع الغرب حول الملف النووي الإيراني، نقلًا عن وزير خارجية الحكومة الجديدة: "نقبل التفاوض إذا كان يؤدي لرفع فعلي للعقوبات وتأمين حقوق إيران". 

أما صحيفة "آرمان ملي" فقد تناولت الوضع الاقتصادي في إيران قائلة "إننا نشهد تضخمًا وركودًا في الوقت نفسه الذي يشير فيه الواقع إلى فجوة الدخل للسكان، لدرجة أننا نرى حوالي 33% من إجمالي سكان إيران يقبعون تحت خط الفقر. والآن، مع استمرار العقوبات، يزداد الفقراء فقرًا وتنخفض الطبقة الوسطى تحت خط الفقر". حسب رأي صحيفة.

واستمرارًا للشأن الاقتصادي، كتبت صحيفة "دنياي اقتصاد" عن آخر الإحصاءات الاقتصادية في البلاد، بعنوان عريض: "الغذاء في طليعة التضخم".

وخلافًا لبقية الصحف الإيرانية، لا سيما الصحف التابعة للنظام، تستمر صحيفة "جمهوري إسلامي" المعتدلة في مهاجمتها لحركة طالبان، حيث وصفتها مرة أخرى بـ "الإرهابية" تحت عنوان على صفحتها الأولى: "هزيمة إرهابيي طالبان في بنجشير". وطالبت الصحيفة النظام في إيران بدعم "جبهة المقاومة في بنجشير" ضد طالبان، وبالمقابل لم تتحدث أي صحيفة مقربة للنظام عن "المقاومة في بنجشير".

وعن الأخبار المحلية، كان العنوان الأول في صحيفة "خراسان": "تدمير شبكة لخطف الأطفال تترأسها امرأة في مشهد"، في حين كانت صحيفة "اعتماد" هي الوحيدة التي اهتمت بسقوط حافلة صغيرة غربي البلاد في وادٍ مما أدى إلى وفاة 16 شخصًا.

وخلافًا للرأي العام الذي يطالب بمحاكمة وزير الصحة السابق بسبب وفيات كورونا الكبيرة في إيران، قام وزير الصحة الجديد في حكومة رئيسي بوصف سلفه سعيد نمكي بـ "الشهيد الحي" لما قام به في فترة الجائحة. صحيفة "آفتاب يزد" انتقدت هذا الوصف والمديح وكتبت عنوانًا على صفحتها الأولى: "لا نرش الملح على جروح الناس".

"ابتكار": تحديات إبراهيم رئيسي لإعادة بناء الثقة العامة

شكل إبراهيم رئيسي الحكومة الثالثة عشرة في موقف ادّعى فيه البعض أن نصف الناخبين المؤهلين لم يشاركوا في الانتخابات، لأن ثقة الناس في مؤسسات النظام، بحسبهم، قد تضررت، واحتجوا بعدم المشاركة في الانتخابات.

ويعتقد البعض أن هناك من لم يشارك في الانتخابات الأخيرة احتجاجًا على أداء مجلس صيانة الدستور في الانتخابات، لكن البعض الآخر يعتقد أنه لا يهم إن كان يصوّت أم لا، لأن من سيصبح رئيسًا لن يُلبّي مطالب الشعب.

وخلال هذه السنوات، أدَّى أداء المسؤولين والمشاكل الاقتصادية والمعيشية الكثيرة للشعب إلى تراجع ثقتهم في المسؤولين. 

من ناحية أخرى، لم ينفذ المسؤولون أنفسهم في السابق وعودهم للشعب، وحاولوا أيضًا إخفاء بعض القضايا عن الناس.

الآن، في هذه الحالة، وصل "رئيسي" إلى السلطة بوعود عديدة. وتعتبر السيطرة على التضخم وتقليله إلى رقم واحد، وخلق فرص العمل، والاهتمام بالفقراء، وتعزيز قيمة العملة الوطنية، ومحاربة الفساد، وبناء 4 ملايين منزل، ليست إلا بعض وعوده للشعب. ومع ذلك، وبسبب تراجع رأس المال الاجتماعي، يشكك الناس في الوفاء بهذه الوعود.

"آرمان ملي": إفقار الطبقة الوسطى

مع انتشار كورونا قال المسؤولون: "كورونا لا يميز بين الفقير والغني، ويصيب الجميع"، لكن سرعان ما اتضح أن التكاليف الباهظة للعلاج، والارتفاع الفلكي في أسرّة المستشفيات وأسعار الأدوية، أفقر ما لا يقل عن 3 ملايين شخص في الـ 19 شهرًا الماضية.

تظهر إحصاءات وزارة العمل والرعاية الاجتماعية أن 2.4 مليون إيراني سقطوا تحت خط الفقر العام الماضي بسبب ارتفاع النفقات الطبية، وقد شهدت هذه الأرقام بالتأكيد زيادة كبيرة هذا العام.

وفي هذا الصدد، قال إيرج خسرونيا، المسعف الاجتماعي واختصاصي في الطب الباطني، لصحيفة "آرمان ملي": "إذا نظرنا إلى إحصائيات وزارة الرعاية الاجتماعية هذا العام، فقد ذهب ما لا يقل عن ثلاثة أضعاف عدد السكان تحت خط الفقر بسبب النفقات الطبية، لأننا نعلم جميعًا مقدار الأموال التي تتلقاها المستشفيات لإبقاء الناس على قيد الحياة، وفي غضون ذلك، يجب أن يكون التأمين الإجباري على جدول أعمال وزير الصحة الجديد".

"آفتاب يزد": العزلة لا تحل مشكلة!

في مقابلة مع صحيفة أفتاب يزد، انتقد مرتضى مكي، الخبير في شؤون الدولة، بعض الأفكار في مجال السياسة الخارجية، مؤكدًا أن كُره الأجانب والانعزالية سيكونان على حساب النظام الإيراني على المدى الطويل. وكتب: "ليست لدينا علاقات جيدة مع جيراننا، لدينا العديد من القضايا العالقة في مجال العلاقات الثنائية، وقضايا مثل العقوبات لا تزال قائمة، وقضية الاتفاق النووي أصبحت بيدقًا سياسيًا غريبًا. في الوقت نفسه، لا أحد يدرك أنه ما لم تحل قضية العقوبات، لن نتمكن من إقامة علاقات حتى مع أفغانستان التي احتلتها طالبان، ناهيك عن الدول الأوروبية وكندا".

وأكد مكي "أن تُستبعد تدريجيًا من العديد من المجتمعات والجماعات لا يعني الانعزالية، بل يعني العزلة غير المرغوب فيها والمكلفة، العزلة التي ستجعل الحياة صعبة على الشعب الإيراني".