كشفت الناشطة المدنية، سبيدة قليان، في سلسلة من التغريدات على موقع "تويتر"، اليوم الاثنين 16 ديسمبر (كانون الأول)، عن عمليات التعذيب والظلم التي تُمارس ضد النساء في السجون الإيرانية، مشيرة إلى أوضاع عدد من النساء هناك.

وكانت قليان قد تم اعتقالها خلال احتجاجات عمال شركة هفت تبة لقصب السكر في محافظة خوزستان، جنوب غربي إيران، وأصدرت محكمة الاستئناف مؤخرًا حكمًا، أثناء غياب قليان في مركز الاحتجاز، بالسجن 5 سنوات.

سمية شهبازي.. قصة امرأة تم إعدامها

خاطبت قليان في سلسلة من تغريداتها، سمية شهبازي جهروبي، السجينة المتهمة بالقتل العمد، والتي تم إعدامها في سجن سبيدار، في مدينة الأهواز، قائلة:

"لقد تم إصدار الحكم على نجفي بالسجن 7 سنوات.. تذكرتُ غربتكِ، كنتِ امرأة، وعملتِ سائقة لإحدى سيارات المدارس، لمواجهة ظروف الحياة، السائقة التي جربت حياة مفعمة بالحب مع التلاميذ، كانت تخرج للنزهة مع هؤلاء التلاميذ، نهاية كل أسبوع، وبغض النظر عن كونك سائقة السيارة، كنتِ صديقة حميمة للتلاميذ لا نظير لها.. وفي يوم من الأيام ذهبتِ إلى البنك للحصول على قرض كي تشتري سيارة لنفسك وتواصلي عملك. تحدث معكِ مدير البنك وليته لم يتحدث. أنتِ كنت سائقة سيارة مدرسة، وكنتِ تعشقين سمانه ومصطفى وأمك، يستغل مدير البنك منصبه ومنزلته الاجتماعية، ويسعى لعرقلة أمورك، في كل مرة، حتى ينتهي بكما المطاف إلى قصة عجيبة ومثيرة للدهشة. ولأنك امرأة تعيش تحت ضغوط مختلفة في إيران، تتفهمين مدير البنك

وتسمحين له بالدخول في حياتك، لم تفكري في أنه سيبعدك عن التلاميذ الصغار، وسمانه ومصطفى وأمك.

وبعدما اقترب منك، قال إنه وقع في حب سمانة أيضًا، لديه سلطة ومنزلة اجتماعية، وبالتالي تمكن بكل بساطة من الاعتداء الجنسي. وكأن شيئًا لم يحدث. أنتِ تسعين إلى إبعاده عن أسرتك، وهو يهددك، ويعذبك في كل مرة بلعبة جديدة.

الكذب والضرب والتهديد بإحراق سمانه كان جزءًا من التعذيب الذي تعرضتِ له، ولا مفر أمامك، لديه مال وقدرة اجتماعية، وأنتِ خسرتِ عملك في قيادة سيارة المدرسة من أجل العلاقة التي تمت بينكما.

ذات يوم دعوتِه إلى بيتكم لتناول العشاء، وأخبرتِه أنكِ ستجلبين سمانة معك. وبغضبك الذي نبع من يأسك وتعاستك، ودفاعًا عن نفسك وعن سمانة، تقومين بوضع دواء منوم في طعامه. يُغشى عليه، تضعينه في السيارة وتذهبين به إلى خارج المدينة، وترشين جسده بالبنزين، وتضرمين النار فيه.

تمشين عدة أمتار، وتتركينه لكي تشتعل في جسده النار، ثم تعودين إليه وترشين البنزين مرة أخرى على جسده، وتصرخين: انظروا من الذي يحترق، إنه المغتصب، ثم تذهبين بنفسك وبكامل قواك العقلية إلى الحي الذي تسكنين فيه، وتقولين: قتلتُه.. لم يكن لدي أي خيار آخر.

ست سنوات مرت عليكِ وأنت في سجن سبيدار، قتلوكِ عدة مرات هناك، عندما لم يأذنوا لأمك ولسمانة بزيارتك.. قتلوك، رغم أنك كنت تتعرضين للقتل كل يوم عندما أصبحت امرأة.

ذهبْتِ ضاحكة إلى المشنقة، وكان قلقكِ الوحيد أمك وسمانة. أسرة المقتول تطلب ديةً قيمتها 15 مليارًا. وأنت؟ لقد نسجتِ 15 مليار قطعة ملابس في السجن، لكن هذه الملابس لا تساوي واحدًا في المائة من الدية.

أختي سمية، قصتك هي قصة كثير من النساء السجينات المتهمات بالقتل.

هي قصة ساقي، وأكرم، وخديجة، والجميع.. أحبكن جميعًا.. لقد تعلمت منكن درس المساواة بين الجنسين".

مكية نيسي.. جميع أفراد أسرتها في السجن

تابعت سبيده قلیان الحدیث عن سجينة أخرى تدعى مكية نيسي، فكتبت:

"اختفى زوج مكیة، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وقامت وزارة الاستخبارات بإبلاغ مكیة وعائلتها (معظمهم رهن الاحتجاز): لن يتم إطلاق سراحكم حتى نجد زوجك، في حین أن معارف مكیة شاهدوا زوجها أثناء اعتقاله، تعاني مكیة الآن من وضع مزر لا يمكن وصفه. لديها ثلاثة أطفال صغار (8 و7 و5 سنوات)، وجميع أفراد أسرتها محتجزون باستثناء إحدى شقيقاتها. تعمل داخل السجن بجد لتغطية نفقاتهم.. لقد تعرضت مكیة للتعذيب مرارًا أثناء احتجازها".

تؤكد سبيده قلیان أن "الجهل المطلق بحالة أطفالها المشردين، واحتجاز جميع أفراد أسرتها، والتهديد، والضرب، وشهور من الحبس الانفرادي دون استجواب، یعد من مظاهر التعذيب الذي تعرضت له مکیة نیسي".

زهراء حسيني.. امرأة عربية سنية

زهراء حسيني، من موالید عام 1995، متزوجة، ولديها بنتان، في الثالثة والسادسة من العمر، سجینة أخرى، تصف سبيدة قلیان حالتها بالقول:

"رأيت أختي العربیة والکدمات في يديها وقدميها عندما نقلت إلى سجن سبيدار، لأول مرة، لأخذ بصمات الأصابع، کانت زهراء رهينة لدی الاستخبارات، هم یریدون زوج زهراء ویدعون أنه ینتمي إلی تنظيم داعش. کانت زهراء في الحجز المؤقت منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، وقضت خمسة أشهر في غرف معتقل الاستخبارات (مرکز التعذیب) في الأهواز. أخذوني في إحدى الليالي للاستجواب، ورغم أننا كنا معصوبي الأعين طوال فترة اعتقالنا، لكننا کنا نسمع بعض الأصوات.. أصوات أفصح من ألف صورة.

سمعت صوت امرأة قادمة نحو غرفة الاستجواب. كانت غرف الاستجواب متقاربة، وكان بإمكاننا سماع جميع الاستجوابات في الغرفة المجاورة لنا، ولم يكن هناك أي عذاب أکثر من ذلك، على الإطلاق.

في اليوم الأول من استجوابي، کانت هناك امرأة مجهولة یتم استجوابها، استمر الاستجواب من الليل حتى الصباح، وأتذكر أن المحققين أرادوا منها أن تعترف بأنها من داعش، وكانت تقول فقط: أنا من أهل السنة.

فجأة، علا صوت الضرب.. كانت تصرخ، وكان المحققون یضربونها بشدة، قائلين لا ترفعي صوتك، واعترفي بما أنت عليه حتی نترکك وشأنك، ولم نسمع بعدها أي صوت.

بعد يومين نقلوني معصوبة العينين بسيارة وکان معي امرأتان أخريان. وعندما وصلنا إلى وجهتنا، رفعوا العصابة عن أعيننا، رأيت امرأتين، إحداهما كانت تعاني من كدمات في وجهها، کانوا قد جلبونا لأخذ بصمات الأصابع، واغتنمنا الفرصة للتحدث مع بعضنا البعض، على الرغم من أن الحارس هددنا أن لا نتفوه بشيء.

سألنا عن أحوال بعضنا البعض، وأظهرنا جروحنا لبعضنا البعض، وتحدثنا عن مخاوفنا، وفي النهاية قالت زهراء: "ألستِ أنتِ من كان يجري استجوابها قبل يومين في الغرفة المجاورة؟ کانوا یقولون لكِ أنتِ شیوعیة، وكانوا يهاجمونكِ، قلت: نعم یا عزیزتي زهراء، وأنتِ التي کانوا یقولون لك: أنت داعشیة؟

أصبحنا أخوات منذ ذلك اليوم، وقضینا عدة أشهر في سجن سبيدار، مما أثار غضب رجال الأمن.

کانت زهراء واحدة من مئات النساء العربيات اللواتي تعرضن للاعتقال، والتعذيب، والاضطهاد، في الأهواز، لسببين: الأول أنها امرأة، والثاني أنها عربیة".