في حادثة أليمة تعكس صعوبة الواقع الذي يعيشه العمال في إيران، انتحر أحد العمال في حقل "يادآوران" بمنطقة هويزة في محافظة خوزستان.. ونقل عدد محدود من الصحف الإيرانية هذا الخبر المُوجع على صفحاتها الأولى، فطرحت صحيفة "ابتكار" تحت عنوان "بذنب الفقر.. انتحار لقمة العيش"، سؤالاً عن سبب زيادة حالات الانتحار بين أبناء الطبقة الفقيرة في إيران.

ونشرت صحيفة "سرآمد اقتصاد" صورة تعبيرية لانتحار العامل عمران روشني، وعنونت "انظر إيران يا عمران"!

أما الصحف الأصولية فلم تَرَ عمران، ولا مصائب العمال في إيران، بل تُواصل كعادتها في الأيام الماضية، نقل احتجاجات أميركا، وإعلان ولاية سياتل الحكم الذاتي. وحذت الصحف المقربة من الحكومة حذو الأصوليين، فنقلت صحيفة "إيران" في زاوية صغيرة بصفحة الحوادث خبر إيعاز وزير النفط بالتحقيق في حادثة انتحار العامل في الحقل النفطي.

من جهة أخرى، نقلت الصحف خبر النمو السلبي بنسبة 7 في المائة كنتيجة للسجل الاقتصادي للحكومة في العام الماضي، وحاولت "جهان صنعت" تبرير فشل الحكومة الاقتصادي بالعقوبات، وعنونت "نتائج العقوبات"، في حين أعطت صحيفة "وطن أمروز" حسن روحاني درجة "ناقص سبعة".

وكنا قد ذكرنا منذ بضعة أيام تحذير أحد خبراء الصحة بأن إيران والولايات المتحدة فشلتا في السيطرة على فيروس كورونا بسبب مستويات الفقر، وأشرنا إلى أن تصاعد الإصابات بالمرض وحالات الوفيات بين الفقراء يمكن أن يُثير احتجاجات في إيران مُماثلة لتلك التي قُمعت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.

ربما تكون هذه المخاوف هي ذريعة عنوان "كيهان" اليوم التي زعمت أن نسبة تحسّن مرضى كورونا باستخدام أدوية إيرانية وصل إلى 5 أضعاف، وهو الخبر الذي أعلن عنه في اجتماع متخصص في مستشفى مسيح دانشور.

وعلى عكس صحيفتي "كيهان" و"جوان"، وبقية الصحف الأصولية التي غطّت أخبار سياتل الأميركية بالتفصيل، نقلت صحيفة "مردم سالاري" أخبار الاحتجاجات المستمرة ضد الوضع الاقتصادي في لبنان على صفحتها الأولى بعنوان "احتجاجات اقتصادية في بيروت"، وأعدَّت تقريرًا عن المظاهرات في أنحاء مختلفة من المدينة، حيث شهد لبنان أيضًا احتجاجات واسعة النطاق في شوارعه العام الماضي، لكن الأزمة الاقتصادية هذه المرّة تسبّبت في فقدان كثير من الناس وظائفهم، مع ارتفاع معدل البطالة ليصل إلى 35 في المائة، حيث يقول محتجون لبنانيون إنهم سيستمرون في الاحتجاجات حتى يتغير النظام الحاكم، بينما حذر رئيس الوزراء اللبناني السابق، سعد الحريري، من أن لبنان يشهد حاليًا انهيارًا اقتصاديًا خطيرًا للغاية.

نقرأ معًا مقتطفات من صحف اليوم:

"ابتكار": انتحار بسبب الفقر

رأى المختص بعلم الاجتماع والمحاضر الجامعي، عادل فتح اللهي نوشهر، في مقابلة مع "ابتكار" بخصوص تحليل حالات الانتحار في الأشهر الأخيرة، أن المجتمع الإيراني في حالة لا معيارية مليئة بالاضطرابات، حيث يُواجه الأفراد والمجموعات الاجتماعية سلوكيات منحرفة مختلفة في مواجهة هذه الفوضى.

وبحسب فتح اللهي، فإن العمال غير قادرين على الانحراف عن القواعد العامة من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية مقارنةً ببقية الطبقات الاجتماعية الأخرى. ويرى العاملون في شركات المقاولات، مثل عامل النفط الذي انتحر يوم الأربعاء الماضي، أنهم لم يُسلبوا حقوقهم الاجتماعية فقط، بل لا يمكنهم رفع دعاوى بشكل منهجي، في حين أظهرت التجربة أن الاحتجاج المدني قد يُوقع العمال بمزيد من المشاكل، ونتيجة لذلك لا توجد طريقة أخرى للطبقة العاملة للتفكير في القضاء على أنفسهم، وما انتحار العامل عمران روشني إلا احتجاج صارخ صامت للعمال.

"جهان صنعت": ارتفاع معدل الانتحار بنسبة 23% مقارنة بالعام الماضي

كتب محمد رضا محبوب فر حول حالات الانتحار المتسلسلة، دون الإشارة مباشرة إلى انتحار العامل الإيراني عمران روشني مقدم، مشيرًا إلى إحصاءات الانتحار في إيران ووفقًا لأحدث الأبحاث الاجتماعية، فقد زادت معدلات الانتحار بنسبة 60 في المائة خلال السنوات الأربع الماضية بمعدل 15 في المائة لكل سنة. ومع ذلك أوضح محبوب فر أن عدد حالات الانتحار ارتفع بشكل ملحوظ في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، أي بنسبة 23 في المائة، وطبيعتها ونوعيتها أكثر فظاعة ورُعبًا، وفي الأيام العشرة الأخيرة تم تسجيل سلسلة انتحارات في أجزاء مختلفة من البلاد، معتبرًا أن هذه الأرقام تعكس زيادة العنف في البلاد، ومن الممكن أن تنتهي باحتجاجات مشابهة لاحتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي؛ لأن كل البلاد، اليوم، تُواجه أزمة مالية واقتصادية أدّت إلى انخفاض حاد بالمرونة الاجتماعية.

"مستقل": الأوضاع في البلاد ليست على ما يُرام

يعتقد الصحفي والناشط السياسي علي رضا رجائي، أن الوضع في البلاد ليس على ما يُرام، وأن أسهل طريقة لأولئك الذين يرغبون في الحفاظ على أنفسهم من خلال انتقادات قاسية وآمنة هو إلقاء كل اللوم على الحكومة، لكن معظم المواطنين أدركوا اليوم أن المشكلة الرئيسية في السياسات الكلية للبلاد والتأثير على الاتجاه العام خارج عن سيطرة القوى الثلاث.

وبحسب رجائي، فإن أكبر مشكلة في كسب العيش هي نقص الموارد لإدارة البلاد، ولن يتمكن البرلمان الحالي أيضًا من خلق مثل هذه الموارد. وفقط من خلال الهيئات الرقابية يمكن منع إهدار مزيد من الموارد، ولا يوجد مثل هذا التوجه في البرلمان.

ويعتقد رجائي أن الثورة الإسلامية في إيران نجحت بهدف السيطرة على السلطة المُطلقة، ولن يتم حل الفساد ما لم يكن تعريف الثورة هو المعيار.

"آفتاب يزد": غابات الحرس الثوري الأسمنتية خنفت العاصمة طهران

تناول تقرير الصحيفة أزمة الأبراج الأسمنتية التي تحيط ببحيرة تشيتكر في طهران، والتي يقول المسؤولون إنها غير قانونية فيما يؤكد خبراء البيئة أنها مؤذية للطبيعة، ولكن البناء ما زال مستمرًا.

وبحسب الصحيفة فإن بلدية طهران ومجلس المدينة يعتبران رخصة بناء الأبراج أكبر انتهاكات قاليباف. ويقول حسن خليل آبادي، عضو مجلس مدينة طهران، للصحيفة، إن جميع الإنشاءات مرخصة منذ الفترة السابقة، لكن الآن لا يمكن للبلدية إيقاف الإنشاءات أو إلغاء التصاريح؛ لأن وزارة الطرق والتنمية العمرانية تقول إنها تسلّمت أرباح هذه التراخيص.

وتذكر الصحيفة أن عمليات البناء غير القانونية حصل عليها الحرس الثوري منذ 15 عامًا، ولا يُوجد تفاصيل عن هذه العقود الموقعة مع بلدية طهران.

"مردم سالاري": الاحتجاجات الاقتصادية في بيروت

مع استمرار الاحتجاجات في لبنان على الوضع الاقتصادي، عقدت الحكومة اللبنانية جلسة استثنائية أمس (الجمعة)، حيث أفادت بعض المصادر الإخبارية بإمكانية عزل محافظ البنك المركزي. الصحيفة وخلافا للصحف المقربة من الأمن والمرشد، نشرت على صفحتها الأولى صورة عن مظاهرات بيروت مشيرة إلى استمرار الاحتجاجات في لبنان بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية