زيادة معدل السيولة في إيران 4.5 مرة منذ بداية رئاسة روحاني
عندما تولت حكومة حسن روحاني السلطة رسميًا في أغسطس (آب) 2013، كان رقم السيولة نحو 492 ألف مليار تومان، حسب تقرير البنك المركزي الإيراني حول المتغيرات النقدية.
وأظهر أحدث تقرير للبنك المركزي الإيراني حول المتغيرات النقدية والمصرفية، في شهر يونيو (حزيران) 2020، أن رقم السيولة تجاوز 2657 ألف مليار تومان.
وتشير مقارنة هذين الرقمين إلى نمو بنسبة 440 في المائة في رقم السيولة خلال هذه الفترة، والتفسير الأبسط لهذه الزيادة في النسب المئوية هو زيادة السيولة في الاقتصاد الإيراني بمقدار 4.5 مرة خلال سنوات حكم حسن روحاني.
وتنقسم السيولة إلى مكونين رئيسيين هما: "النقود"، و"شبه النقود". ويشمل المكون النقدي للسيولة الأوراق النقدية والعملات المعدنیة والحسابات المصرفية الجارية، والمكون شبه النقدي للسيولة هو تعريف آخر للودائع الادخارية والاستثمارات المصرفية.
كما أن التغير في نسبة هذين المكونين في السيولة من أغسطس (آب) 2013 إلى يونيو (حزيران) 2019، مثير للاهتمام أيضًا؛ ففي أغسطس (آب) 2013، وقت تنصيب حكومة روحاني، كان 21 في المائة من السيولة عبارة عن نقود، و79 في المائة شبه نقود.
لقد تغيرت هذه التركيبة بشكل طفيف في يونيو (حزيران) 2020، في نهاية ربيع هذا العام، وانخفضت حصة النقود من إجمالي السيولة إلى 19 في المائة، وبدلاً من ذلك ارتفعت حصة شبه النقود في السيولة بنسبة نقطتين مئويتين لتصل إلى 81 في المائة.
هذه التركيبة مهمة، لأن النقود تتدفق بشكل أسرع من شبه النقود، وسيكون لها تأثير أكبر على التضخم.
اقتصاد طباعة النقود
خلال السنوات السبع نفسها من حكومة حسن روحاني، والتي صاحبتها زيادة في السيولة بمقدار 4.5 ضعف، تذبذب متوسط معدل النمو الاقتصادي في إيران بين صفر وأقل من واحد في المائة، وفقًا لإحصاءات مختلفة عن البنك المركزي ومركز الإحصاء الإيراني.
مع أخذ ذلك في الاعتبار، يمكن استنتاج أن السيولة نمت بشكل غير متناسب مع حالة الاقتصاد الإيراني والتغيرات في حجم الإنتاج، وهو أهم سبب للزيادة المستمرة في التضخم.
والسبب الرئيسي لنمو السيولة هو عجز الموازنة الحكومية، حيث إن تسييل سد العجز في الموازنة السنوية هذا يسرّع من زيادة القاعدة النقدية، وزيادة القاعدة النقدية تفاقم من آثار زيادة السيولة؛ وهو ما يؤدي في النهاية إلى تضخم مستقر وهيكلي مزدوج (مكون من رقمين) في الاقتصاد الإيراني.
كابوس المال القوي
عند مراجعة مكونات السيولة والعوامل المؤثرة فيها، فإن المكونات والأرقام التي تحظى باهتمامٍ أكثر من تسارع نمو السيولة هي التغييرات في "القاعدة النقدية".
وتحتوي القاعدة النقدية على مكونات مختلفة، أحدها حجم الأوراق النقدية والعملات المعدنية في الاقتصاد. لدى البنوك ودائع واحتياطيات لدى البنك المركزي، والتغيير في هذه الودائع يغيّر القاعدة النقدية.
العنصر الآخر للقاعدة النقدية هو الدَّين الحكومي للبنك المركزي، وكذلك احتياطيات الذهب والعملات الأجنبية لدى البنك.
إن مسار زيادة القاعدة النقدية واضح أيضًا، حيث تقوم الحكومة بإصدار شيكات، مثل التجار، لتغطية نفقاتها، وتخلق التزامات لنفسها، وبما أن البنك المركزي ليس مستقلاً عن الحكومة، فإنه يضطر إلى تمرير شيكات حكومية بلا رصيد، مما يزيد من الدين الحكومي في الميزانية العمومية للبنك المركزي، ويضع البنك المركزي إنشاء أموال جديدة على جدول الأعمال.
تمنح الحكومة إیراداتها من النقد الأجنبي للبنك مقابل الحصول على الريالات، وتقترض من البنك المركزي، ويقوم البنك المركزي بتسوية الديون عن طريق طباعة النقود والأوراق النقدية.
ومن خلال تخفيض ودائع واحتياطيات البنوك لدى البنك المركزي أو اقتراضها من البنك المركزي، تزداد قدرة البنوك على الإقراض، وتؤدي هذه العملية المحاسبية إلى تكوين السيولة.
ولكن في هذه العملية، يمكن أن تتدفق السيولة التي تم إنشاؤها حديثًا في البنوك مرارًا وتكرارًا، وتتحول إلى ائتمان وتسهيلات، وتصبح متاحة للعملاء، ولذلك فإن القاعدة النقدية تسمى أيضًا الأموال القوية.
وحسب البنك المركزي الإيراني، وصلت القاعدة النقدية إلى 5.383 ألف مليار تومان، في نهاية ربيع هذا العام، بارتفاع بنسبة 8.8 في المائة، مقارنة بنهاية العام الماضي. وكان معدل نمو القاعدة النقدية في ربيع هذا العام أعلى من معدل نمو السيولة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وقد نمت السيولة بأكثر من 7 في المائة، خلال الفترة نفسها.
كان معدل نمو القاعدة النقدية في عام 2019 أكثر من 32 في المائة، وهو رقم مرتفع للغاية؛ بل أعلى من متوسط معدل النمو في 50 عامًا، حيث بلغ متوسط معدل نمو القاعدة النقدية خلال نصف القرن الماضي 5.24 في المائة.
إن النمو الموسمي بنسبة 8.8 في المائة، للقاعدة النقدية في الربيع الماضي، إذا تكرر في المواسم التالية من هذا العام، فإن معدل نمو القاعدة النقدية، في نهاية العام، سيكون أعلى من متوسط الأعوام الخمسين الماضية، كما كان في العام الماضي.
كبح السيولة والحد الأدنى لقدرة البنك المركزي
يدعي البنك المركزي الإيراني أنه سيتغلب على زيادة السيولة والقاعدة النقدية، من خلال تصميم آليات مختلفة، ولذلك فإنَّ سد عجز ميزانية الحكومة بشكل غير نقديٍّ أحد أهم أهداف البنك المركزي الإيراني.
وهناك نشر سندات خزانة حكومية، وتنفيذ عمليات السوق المفتوحة، وعرض أسهم الشركات الحكومية على سوق الأسهم، وزيادة أسعار الفائدة على الودائع المصرفية، وإصدار شهادات الودائع المصرفية بنسبة 18 في المائة، وإصدار أوراق إيداع لمدة عامين؛ كل هذا جزء من جهود الحكومة والبنك المركزي لسد عجز الميزانية وتلبية احتياجات الحكومة عبر طرق غير الاقتراض من البنك المركزي وطباعة الأوراق النقدية.
ومع ذلك، لا يبدو أن معدل نجاح جهود البنك المركزي يتوافق مع الضخ المستمر للسيولة.
ولكن ما لم يتم الاهتمام به بشكل كاف، وسط هذه الظروف، هو تخفيض الأسعار وإيجاد طريقة لزيادة الإيرادات الحكومية.
وما يشار إليه بـ"الانضباط المالي للحكومة"، وحذف عدد ممن يتلقون الميزانيات الحكومية، يقصد به المؤسسات التي لا تلعب دورًا مُنتجًا في الاقتصاد، وتزيد فقط العبء المالي للحكومة، أو مؤسسات مثل "العتبة الرضوية" في مشهد، لتدفع الضرائب بهدف تلبية بعض احتياجات الحكومة، على الرغم من أن هذه المؤسسات الدينية ذات الأداء الآيديولوجي، لا تفكر في ذلك (دفع الضرائب)، بسبب نفوذها وقدرتها في البلاد.