تشاهد صفحة من الموقع القديم لـ Iran International لم تعد محدثة. قم بزيارة iranintl.com لعرض الموقع الجديد.

"اقتصاد المقاومة".. بطعم الرصاص

فجأة ودون أدنى مقدمات، عمّت احتجاجات واسعة معظم المدن الإيرانية، نتيجة ارتفاع أسعار البنزين من 1000 تومان إلى 3000 تومان في ليلة واحدة، ويُقدر عدد القتلى بمائة قتيل حتى الآن.

وأظهرت ردود أفعال بعض المراجع الدينية، أمثال صافي كلبايكاني، وعلوي كلبايكاني، ومكارم الشيرازي أنها داعمة في البداية للشعب، ومؤازرة له في احتجاجاته ضد ارتفاع أسعار البنزين.

كذلك أبدى نواب البرلمان عدم معرفتهم بموافقة السلطات الثلاث على هذا المشروع الكبير، بل بادروا بإقرار مشروع قانون عاجل، بمقتضاه يعود سعر البنزين إلى ما كان عليه سابقًا، إلا أن هذه الأصوات المعارضة داخل الحكومة، سرعان ما توارت وخفتت؛ وذلك حين أطل مرشد الجمهورية الإسلامية داعمًا لغلاء البنزين، بعد مرور ثلاثة أيام، ليقول في سياق حديثه عن مقتل عدد من هؤلاء الذين خرجوا احتجاجًا على هذا القرار، إن تنفيذ قرار زيادة البنزين أمر ضروري، مضيفًا: "لست مختصًا في هذا الشأن، لكن إذا وافق رؤساء السلطات الثلاث على القرار، فأنا داعم لهم ومساند.. نعم، لقد ذكرت هذا.. سأدعمهم.. لقد اجتمع رؤساء السلطات التنفيذية بعد تشاور مع الخبراء، والسماع لآرائهم، والأخذ بها، واتخذوا قرارهم، وعلينا تنفيذه".

هكذا بدا أن المرشد يراقب الاضطرابات الشاملة في البلاد عن كثب، وهو على دراية بأن هناك ضحايا، لكنه لم يبد أي تعاطف مع الضحايا ولو بمجرد التلميح، إنه عازم بالفعل على تنفيذ القرار، وهو عزم من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أعداد القتلى والجرحى بين الشعب، والسؤال هنا: لماذا يصر المرشد على تنفيذ مثل هذا القرار، خلافًا لما قام به مراجع الدين الآخرون؟ إن كان يرى نفسه واحدًا من هؤلاء المراجع، فلماذا لم يبد تعاطفًا أو شفقة على الشعب، خلافًا لهؤلاء المراجع؟ لماذا يصر على تنفيذ القرار الذي من شأنه إشعال الغضب بين المواطنين؟

 

اقتصاد المقاومة

لا يعرف علم الاقتصاد ما يسمى "اقتصاد المقاومة" على الإطلاق، وبالتالي لا يستطيع واحد من بين المتخصصين في الاقتصاد تفسير معنى هذا المصطلح. إن مثل هذا المصطلح، كغيره من المصطلحات الأخرى، هو صنيعة المرشد علي خامنئي. بالتأكيد هو أول من وضع مصطلح اقتصاد المقاومة وصاغه عام 2010م.

إن مصطلح اقتصاد المقاومة تمت صياغته وتداوله في ظل العقوبات، مما يفيد بأنه إذا ما تم تنفيذ العقوبات على إيران، وبخاصة المتعلقة بالمشروع النووي، فإن علينا أن نبحث عن حلول. هذه الحلول طرحها مرشد الجمهورية الإسلامية في ثلاث مراحل مختلفة:

 

أولاً، مرحلة إنكار تأثير العقوبات

وذلك حين قال محمود بهمني، رئيس البنك الوطني في عهد أحمدي نجاد: إن البلاد تعيش حالة يرثى لها، واصفًا إياها بـ"شِعب أبي طالب (حين عوقب بنو هاشم في بداية البعثة من بقية قريش، بالعزل جغرافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا)" في صدر الإسلام. حينها رد خامنئي على الفور: "إيران تعيش نفس ظروف بدر وخيبر"، أي إنها تعيش وفرة اقتصادية.

 

ثانيًا، مرحلة تجاوز العقوبات

في هذه المرحلة الثانية، حين كان تأثير العقوبات أمرًا يستحيل الاعتراف به، طرح خامنئي مقترحًا للالتفاف على العقوبات، وذهب إلى حد القول: "إننا سنتجاوز العقوبات، ونُعلم العالم كيف يتجاوز العقوبات". إلا أنه كان من آثار مثل هذه السياسة ظهور عشرات المليارديرات (رجال الأعمال)، أمثال بابك زنجاني (حُكم عليه بالإعدام)، الذين اختلسوا مليارات الدولارات؛ بداعي التخلص من العقوبات.

 

ثالثًا، مرحلة اقتصاد المقاومة

مع تصاعد وتيرة ضغوط العقوبات، راح خامنئي يردد، ولأول مرة، في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2010م مصطلح اقتصاد المقاومة. وتم الانتهاء من صياغة السياسات العامة لاقتصاد المقاومة في شهر فبراير (شباط) من عام 2013م، ليعلنها المرشد آنذاك. إلا أن سن مثل هذه السياسات ووضعها لم يتجاوز كونها كلمات جوفاء لا تنطوي على أي مضمون أو مفهوم اقتصادي ملموسين، بما فيها تعريف اقتصاد المقاومة الذي ورد في لائحته: "اقتصاد المقاومة هو: نهج جهادي، مرن، صانع للفرص، منتج، قائم على الاعتماد على الذات، رائد وانفتاحي".

وهنا نرى أنه من غير الواضح ما هو النهج الجهادي الذي يعنيه اقتصاد المقاومة؟ وكيف لاقتصاد أن يكون منتجًا وهو يعاني من المقاطعة؟ وأي صيغة يمكن أن تطلق على اقتصاد منكفئ على ذاته، وهو منفتح في الوقت ذاته على الخارج (انفتاحي)؟

إن ما يفهم من مصطلح المقاومة، ودون لبس في ذلك، يعني وبيسر أن الحكومة لا تسعى للتفاوض مع الغرب لإيجاد الحلول، بل تعمل على ترتيب اقتصاد يعتمد على مصادرها الداخلية.

يشير الرسم البياني التالي، نقلاً عن موقع مرشد الجمهورية الإسلامية على الشبكة العنكبوتية، إلى عدد المرات التي تكرر فيها هذا المصطلح المختلق (اقتصاد المقاومة)، ولكن دون طائل.

هذا المخطط التفصيلي يوضح جيدًا كم كان المرشد يقرع طبولاً فارغة لـ"اقتصاد المقاومة"، دون أن تصدر هذه الطبول أصواتًا قط. وبالتالي، كيف ينمو اقتصاد دولة بمعزل عن اقتصاد العالم، وأنى لهذا الاقتصاد الذي يفتقر إلى مقومات مصادر دخل ناجعة أن يكون منتجًا ورائدًا؟

إذا كانت الإجابة بالنفي على هذه التساؤلات، فعلينا القول بأن إجراءً صادمًا مثل هذا (غلاء البنزين)، الذي يشبه صب البنزين على غضب الناس (صب البنزين على النار)، إنما يترجم المفهوم الحقيقي لـ"اقتصاد المقاومة" الذي أوصى به مرشد الجمهورية الإسلامية.

لقد قال مرارًا وتكرارًا: لا تعقدوا الآمال على الانفتاح على الغرب، اعتمدوا على الاقتصاد القائم على الداخل (الذاتي). وها هم رؤساء السلطات التنفيذية الثلاث قد نجحوا بالفعل في أن يضعوا أيديهم في جيوب الشعب (يسرقون الشعب) لتأمين المصادر، وبالتالي تأكد تنفيذ الوصية.

وفي الوقت الذي أطل فيه المرشد علي خامنئي مؤيدًا لقرار رفع البنزين، قال: "أنا لا أدري عن هذا الأمر شيئًا"، دون أن يوجه له نقدًا على الإطلاق، فلماذا لم تتم مناقشة مثل هذا القرار المهم في البرلمان واللجان التابعة له كي يبدي هؤلاء الذين لا يعرفون شيئًا عن هذا الأمر آراءهم بشأنه؟

ولم يقل لماذا تم تجاهل البرلمان؟ ولم يقل إذا كان الموضوع قد تمت مناقشته في ساحة البرلمان، على الأقل، لن تكون الصدمة حينئذ بقدر ما حدث عند إعلانه الأخير.

ألم يصرح رجب طيب أردوغان، رئيس الجمهورية التركية خلال الأسابيع الأخيرة، بعد اندلاع اضطرابات العراق ولبنان، بأنه متخوف من أن تنتقل هذه الاضطرابات إلى إيران؟!

إذا كان رئيس دولة مجاورة لنا على دراية بأوضاع بلادنا الهشة، فهل المرشد غير مدرك لتداعيات غضب شعبه؟ أم أنه مدرك، لكنه يود فرض كلامه على الشعب الخانع، حتى لو كان "اقتصاد  مقاومة بطعم الرصاص"؟



 

محلل سياسي ودبلوماسي سابق
إيران بالمختصر
ذكرت صحيفة "همشهري" الإيرانية أن بعض الأشخاص، ومن خلال وصولهم إلى أنظمة وزارة الصحة، يقومون بإصدار شهادات لقاح "استرازينكا" مزورة بمقابل يتراوح ما...More
قال صدر الدين عليبور، مدير منظمة إدارة النفايات في بلدية طهران، إن المنظمة قررت استبدال صناديق النفايات الموجودة في طهران بصناديق مغلقة؛ حتى "لا...More
أعلن محمود نيلي، رئيس جامعة طهران، عن إرسال رسالة إلى رئيس السلطة القضائية في إيران، غلام حسين محسني إجه إي، من أجل الإفراج عن الطالب السجين كسرى...More
ذكرت صحيفة "شرق" أنه لا يمكن للإيرانيين المقيمين في جورجيا العودة إليها. وكتبت أنه حتى الإيرانيون الذين يحملون جوازات سفر وبطاقات إقامة جورجية ظلوا...More
أفادت وسائل إعلام هندية عن إيقاف زورق إيراني يحمل هيروين. وكانت وسائل إعلام هندية قد قالت إن حرس الحدود وشرطة مكافحة الإرهاب ضبطوا زورقًا إيرانيًا...More