تحقيق بلجيكي: الهجوم الفاشل على اجتماع المعارضة الإيرانية في باريس خططت له طهران
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، لأول مرة، تفاصيل تحقيق الشرطة البلجيكية في الهجوم الفاشل على الاجتماع السنوي للمجلس الوطني للمقاومة في ضواحي باريس، يوم 30 يونيو (حزيران) 2018.
ويذكر التقرير، الذي صدر اليوم السبت 10 أكتوبر (تشرين الأول)، أن قنبلة يتم التحكم فيها عن بعد مصنوعة من "بيروكسيد الأسيتون"، كان من المقرر أن تنفجر في "فيلبنت" خلال اجتماع للمجلس الوطني للمقاومة، الذي تشكل منظمة مجاهدي خلق عنصرًا رئيسيًا فيه.
ويقول الخبراء البلجيكيون رسميًا: "إن موجة الانفجار يمكن أن تمتد إلى حوالي 100 متر وتودي بحياة الكثيرين، نظراً لعدد الأشخاص الموجودين".
وكتبت "لوموند" أن الهجوم تم إحباطه في اللحظة الأخيرة، عندما كان من المقرر نقل القنبلة إلى فرنسا. وعندما قامت وحدة الإبطال بالجيش بتحريك مفجرها بعناية لإبطال مفعول القنبلة تم تدمير الروبوت المبطل لمفعول القنبلة وجرح أحد أفراد الشرطة. وقد خلص الخبراء إلى أن هذه كانت "قنبلة متطورة صنعها محترف".
هذا وكانت أجهزة المخابرات الأوروبية - وعلى الأرجح الموساد - هي التي كشفت عن هذه الخطة التي صممها 4 إيرانيين. وسيحاكم الإيرانيون الأربعة في أنتويرب البلجيكية، أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وقد أنهی القضاء البلجيكي التحقيق، ونتائج هذا التحقيق تؤكد استنتاج جهاز الأمن البلجيكي.
وفي السياق، كتب جاك روس، رئيس جهاز المخابرات البلجيكي، إلى المدعي العام للبلاد يوم 20 فبراير (شباط): "مشروع الهجوم صمم باسم إيران وتحت إشراف إيران. وهذه ليست مبادرة شخصية لأسد الله أسدي."
یذکر أن أسد الله أسدي هو الشخصية الرئيسية في هذه القضية. وكان الرجل البالغ من العمر 49 عامًا دبلوماسيًا في العراق من 2003 إلى 2008 قبل أن يتم تعيينه سكرتيرًا ثالثًا للسفارة الإيرانية في فيينا في عام 2014.
عمل أسدي على وجه التحديد في الوحدة 312، إحدى دوائر وزارة المخابرات الإيرانية. وقد تم إدراج هذا الجزء من وزارة المخابرات الإيرانية في قائمة الجماعات الإرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي.
وتعلم أسد الله أسدي صنع المتفجرات، خلال خدمته العسكرية، وكانت مهمته الرئيسية جمع المعلومات حول المعارضة الإيرانية من خلال وزارة الخارجية الإیرانیة.
وتشيرالأبحاث إلى أن أسد الله أسدي ربما يكون قد أمضى عامًا في التحضير للهجوم في فرنسا. وكان حضوره في عام 2017 في مدينة فيلبنت الفرنسية سببا في أن يهتم ببلدة "أور سور أواز" والتي يقع فيها مقر المعارضة الإيرانية في ضواحي باريس، وكذلك الواقعة بالقرب من الفنادق التي ستستقبل ضيوف الاجتماع.
وكان من المقرر أن تشارك شخصيات بارزة في اجتماع المعارضة الإيرانية أمثال إنغريد بيتنكور المرشحة الرئاسية السابقة لكولومبيا، وايو بنه رئيس جهاز ضد التجسس الفرنسي السابق، وأحمد غزالي رئيس وزراء الجزائر السابق، ورودي جولياني حاكم نيويورك ومحامي دونالد ترامب، ونيوت غينغريتش رئيس مجلس النواب الأميركي السابق عن الجمهوريين، وبيل ريتشاردسون سفير أميركا السابق في الأمم المتحدة.
وفي عام 2018، نفى المسؤولون الإيرانيون أي ضلوع لهم في هذه العملية ووعدوا بتقديم إيضاحات مناسبة حول الموضوع، إلا أن هذه الإيضاحات لم تصدر حتى يومنا هذا.
وقامت فرنسا التي تأكدت من تورط طهران في هذه العملية الفاشلة بتجميد أموال مساعد وزارة الاستخبارات الإيرانية، سعيد هاشمي مقدم، لديها في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2018.
وكان أسدي قد امتنع أثناء اعتقاله عن التعاون مع جهاز القضاء البلجيكي وتوعدهم بالثأر والانتقام.
وفي التاسع من مارس (آذار) من العام الماضي، قال لرئيس سجن بورن الفرنسي إنه يريد لقاء أحد مسؤولي التحقيقات في قضيته.
وقال أسد الله اسدي لهذا المسؤول بعد الاجتماع به إنه وفي حال تم إصدار حكم ضده، فإن "مجموعات مسلحة" مستعدة لتنفيذ عمليات ضد قوات الشرطة والشهود وأنصار منظمة مجاهدي خلق المعارضة.
وأشار مراسل صحيفة "لوموند" الفرنسية إلى أن هناك كثيرا من التفاصيل التي ستستعين بها الشرطة الفرنسية في تحقيقاتها مثل التخطيط والإشراف على العملية والزيارات المتعددة لأسدي إلى إيران وكذلك الكميات الكبيرة من الأموال التي تمت مصادرتها، بالإضافة إلى الاجتماعات الكثيرة التي عقدها مع مقربين منه في المدن المختلفة.
وتقرر أن يسلم أسدي المواد المتفجرة إلى أمير سعدوني، وزوجته نسيمة ناعمي، في 28 يونيو (حزيران) من عام 2018 في مطعم بلوكسمبورغ.
وهذان الزوجان اللذان يعيشان بالقرب من مدينة أنتويرب البلجيكية تم اعتقالهما في اليوم التالي من تسليم المتفجرات، وبالفعل ضبط بحوزتهما 500 غرام من مادة بيروكسيد الأسيتون شديدة الانفجار، كما قبض في سيارتهما على 3 أجهزة هواتف و35 ألف يورو.
وخلافا للمتهم الرئيسي في الملف، فإن أمير سعدوني قدم الكثير من التفاصيل أثناء التحقيقات، وذكر أنه يعمل مع أسدي منذ عام 2007، وقد زار إيران عدة مرات بطلب من أسدي.
مع ذلك حاول سعدوني وزوجته أن يصورا أسدي بأنه صاحب الدور الصغير في الملف، وقالا إنهما ظنا أن المواد التي سلمها لهم هي مجرد مواد تستخدم في الألعاب النارية، وأضافا أنهما شعرا بالخوف على أقاربهما في إيران إذا امتنعوا عن تنفيذ الأوامر وطاعة أسدي.
وكان مهرداد عارفاني هو المتهم الرابع في القضية، وقد تم اعتقاله في مدينة فيلبنت الفرنسية، وأنكر في التحقيقات معرفته بأسدي لكن الطرف الآخر صرح بأن أسدي وعارفاني كانا على تواصل مستمر وأن عارفاني كان هو المسؤول عن جمع المعلومات عن أعضاء المقاومة في الخارج.
وعملت السلطات القضائية البلجيكية والفرنسية بصمت وهدوء في متابعتها لهذا الملف وحاول القضاء البلجيكي أن يصدر أحكامه في القضية دون أن يثير ضجة حولها .
ومن جهة ثانية، كان المسؤولون الفرنسيون واثقين من أن اعتقال فريبا عادلخاه" الناشطة والباحثة الإيرانية- الفرنسية في يونيو (حزيران) من العام الماضي، له صلة باعتقال أسد الله أسدي في بلجيكا، وأن طهران كانت تأمل في أن يتم إطلاق سراح أسدي مقابل عادلخاه.