"نيويورك تايمز" تكشف تفاصيل مقتل العالِم النووي الإيراني فخري زاده بواسطة "روبوت قاتل"
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها عن تفاصيل جديدة نقلًا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين تتعلق بعملية قتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، وقالت إنها تمت بواسطة رشاش يتم التحكم به على بُعد آلاف الكيلومترات.
وجاء في تقرير "نيويورك تايمز"، الذي تم نشره اليوم السبت 18 سبتمبر (أيلول)، أن الحادث يعتبر أول اختبار ميداني لسلاح "من المحتمل أن يغيّر عالم الأمن والتجسس".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول استخباراتي التفاصيل الفنية لـ "الروبوت القاتل" أو المدفع الرشاش الذي يتم التحكم فيه من على بُعد آلاف الكيلومترات و"في مكان مجهول".
وبحسب هذا المسؤول الاستخباراتي، فإن رشاشًا كان مرتبطًا بالأقمار الاصطناعية ومزودًا بذكاء اصطناعي وعيون متعددة الكاميرات.
ووفقًا لمسؤول استخباراتي مطّلع على الخطة، فقد تم اختيار نموذج متطور من مدفع رشاش بلجيكي الصنع من طراز "FN MAG" مرتبط بروبوت ذكي متطور، وقال المسؤول إن النظام لم يكن مختلفًا عن نظام "Sentinel 20" الذي تقوم شركة "Escribano" الإسبانية بتصنيعه.
وأكد المسؤول أن وزن المدفع الرشاش مع الروبوت وباقي الملحقات مجتمعة نحو طن تقريبًا، لذلك تم تفكيك المعدات إلى قطع صغيرة، ومن ثم جرى تهريبها إلى إيران بطرق وأوقات مختلفة، ثم أعيد تجميعها سرًا في إيران.
وقُتل العالم الإيراني، فخري زاده، 59 عامًا، الذي كان يشغل منصب مساعد وزير الدفاع وأحد الشخصيات الرئيسية في البرنامج النووي الإيراني، في هجوم استهدف سيارته في مدينة أبسرد بمقاطعة دماوند شرقي طهران في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتناقضت الروايات حول مقتله من قبل وسائل الإعلام ومسؤولين إيرانيين، حيث زعموا اندلاع معركة بالأسلحة النارية بين فرق القتلة والحراس الشخصيين، وأفادت التقارير آنذاك بأن بعض القتلة قد تم اعتقالهم أو قتلهم، لكن هذه التقارير قوبلت بالسخرية.
بعد ذلك بوقت قصير، أعلنت قناة "العالم" أن اغتيال فخري زاده تم بواسطة "تحكم عبر الأقمار الاصطناعية". وبعد ذلك أكد متحدث باسم الحرس الثوري وعدد من مسؤوليه ما زعمته هذه القناة.
وقال علي فدوي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني آنذاك: "إن الرشاش داخل سيارة نيسان كان مزودًا بنظام أقمار اصطناعية ذكي قام بتكبير الصورة على فخري زاده واستخدم الذكاء الاصطناعي".
وجاء في تقرير "نيويورك تايمز" أيضًا أن موضوع الرشاش المرتبط بالأقمار الاصطناعية تم التطرق إليه بعد مقتل فخري زاده لكن البعض في إيران وكذلك بعض المحللين الأجانب سخروا وما زالوا يسخرون من هذه النظرية، وأردفت "نيويورك تايمز": إن نظرية الروبوت القاتل يجب أن تؤخذ على محمل الجد، لأن هذه المرة كان هناك بالفعل روبوت قاتل وراء عملية الاغتيال.
ولم تنشر الأجهزة الأمنية الإيرانية أي تقرير عن نتائج التحقيقات خلال هذه الفترة. كما تم اعتقال عدد من المواطنين الذين يعيشون في المحافظات الغربية لإيران على خلفية الهجوم، لكن الأجهزة الأمنية التزمت الصمت بشأن هوياتهم ومصيرهم.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فإنه في يوم اغتيال فخري زاده، توقفت سيارة مزودة بكاميرا على بعد 150 مترًا من مكان الحادث للإبلاغ عن تحركات الهدف.
وأشار التقرير إلى أن إحدى المشاكل كانت اهتزاز المدفع الرشاش بعد إطلاقه النار وتأخير إرسال البيانات إلى القمر الاصطناعي، لكن تم تعديل الذكاء الاصطناعي للجهاز لتعويض التأخير والاهتزاز وسرعة المركبة.
واعتبرت "نيويورك تايمز" عملية مقتل فخري زاده بأنها أول اختبار ميداني لقناصة مرتبطة بالأقمار الاصطناعية ومزودة بالذكاء الاصطناعي وعيون متعددة الكاميرات، وهو الأمر الذى وصفته بأنه يغير المفاهيم الأمنية المتعارف عليها حول العالم.
وأشار المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، رمضان شريف، في 5 ديسمبر (كانون الأول) 2020 إلى اغتيال فخري زاده عبر "جهاز مرتبط بالأقمار الاصطناعية"، وقال إن مثل هذا الاغتيال "لا يمكن أن يعرض أمننا للخطر".
كما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن قرار مقتل فخري زاده تم اتخاذه خلال اجتماعات سرية عام 2019 بحضور رئيس الموساد آنذاك يوسي كوهين، والرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب، وكذلك وزير الخارجية الأميركي ومدير وكالة المخابرات المركزية.
وأضاف التقرير أن رد إيران المعتدل نسبيًا على اغتيال قاسم سليماني، دفع المسؤولين الأميركيين إلى الموافقة على قتل فخري زاده.
يذكر أنه بعد مقتل القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، أطلقت إيران صواريخ على قاعدتين أميركيتين في بغداد، وبعد ذلك تبين أن إيران أبلغت الولايات المتحدة بقرارها بشأن استهداف قواعدها.
وقالت "نيويورك تايمز" إنه خلال إحدى زيارات جورج دبليو بوش لإسرائيل، عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود أولمرت محادثة يتحدث فيها فخري زاده إلى زملائه حول جهوده المستمرة لبناء رأس حربي نووي.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن المتحدث باسم بوش لم يرد على طلب الصحيفة للتعليق بهذا الخصوص.