الادعاء في محاكمة حميد نوري: مرتكبو جرائم الإعدامات في إيران شغلوا مناصب حكومية رفيعة
قالت المدعي العام السويدية، كريستينا ليندهوف كارلسون، في محاكمة المسؤول السابق في القضاء الإيراني حميد نوري، إنها توصلت إلى نتيجة إلى أنه بين عامي 1981 إلى 1988 حدثت انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وجرائم في السجون الإيرانية، وأنه حتى اليوم لم يحاكم النظام الإيراني أيًا من مرتكبي هذه الجريمة، بل شغلوا مناصب حكومية رفيعة.
وأضافت، في الجلسة الرابعة من المحاكمة التي عقدت في ستوكهولم بالسويد اليوم الثلاثاء 17 أغسطس (آب)، أن المسؤول عن هذه الجرائم هو القاضي والمدعي العام وموظفو السجون والمحققون والقائمون على التعذيب، وجميعهم كانوا موظفين في النظام، مشيرة إلى أن حميد نوري لعب أيضًا دورًا في الموجة الثانية من الإعدامات، وكان يأخذ السجناء إلى فرق الموت ويستجوبهم، ويقتادهم إلى جناح خاص للإعدام.
وأشارت كارلسون، إلى إن الموجة الثانية من الإعدامات تمت في الفترة من 27 أغسطس (آب) ، إلى 6 سبتمبر (أيلول)، وهذه المرة لم يتم إعدام عناصر منظمة مجاهدي خلق فقط، ولكن أيضًا اليساريين والملحدين.
وأوضحت أن لجنة الموت كانت توجه أسئلة قصيرة للسجناء اليساريين: هل تصلي، أنت مسلم، هل والدك يصلي؟، ولوكان الرد على أي منها بالنفي، يتم اعتبارهم مرتدين، ويحكم عليهم بالإعدام.
يشار إلى أن نوري أحد مسؤولي سجن "كوهردشت" الإيراني في الثمانينات، وتم اتهامه بالمشاركة في إعدامات جماعية للسجناء السياسيين الإيرانيين في صيف عام 1988، إضافة إلى تهم القتل وارتكاب الجريمة وانتهاك القانون الدولي.
وسبق وأوضحت المدعية العامة أنه وفقا للوثائق والشهادات فإن الإيراني حميد نوري كان له دور في إعدام 4 آلاف من السياسيين الإيرانيين في الثمانينيات، وأن المتهم كان أحد المسؤولين في سجن "كوهردشت"، وكان مقربا من مجموعة اتخذت قرار الإعدامات في عام 1988، وتعاون معها في تنفيذ أحكام الإعدام.
ونفى حميد نوري، في الجلسات السابقة، الاتهامات الموجهة إليه، ونقل دانييل ماركوس محامي المتهم قوله إنه "لم يكن حاضرا في الوقت الذي قيل إن هذه الجرائم حدثت فيه".
وقالت المدعي العام السويدية، في جلسة اليوم، إنه لم يُسمح للعديد من العائلات التي قتل ذويها بإقامة مراسم عزاء في حينها.
وتحدثت عن "ممر الموت" وقالت: بعد الاستجواب كانوا ينقلون المعتقلين إلى الممر، فيعدمون من هم على يسار الممر، وينقلون من هم على اليمين إلى زنزانة، وكان من الممكن إعادة من ذهبوا إلى الزنزانة للاستجواب أخرى".
وبالتزامن مع محاكمة حميد نوري اليوم والمتهم بالتورط في مذبحة عام 1988، تم فحص صور حضوره في الاحتفالات والمؤتمرات في إيران.
يشار إلى أن نوري قد اعتقل في ستوكهولم في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وهو أول مسؤول قضائي يحاكم خارج إيران لدوره في الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين في عام 1988.
وبالإضافة إلى ذلك، فإنه مع وصول إبراهيم رئيسي إلى منصب رئيس الجمهورية الإيرانية، أصبحت محاكمة حميد نوري أكثر أهمية، حيث كان "رئيسي" أثناء عمليات الإعدام في عام 1988، نائب المدعي العام في طهران آنذاك، وأحد أعضاء اللجنة التي اختارها الخميني لإعدام السجناء، والتي عُرفت باسم "لجنة الموت".
يذكر أنه قبل 21 شهرًا، في 9 نوفمبر 2019، تم اعتقال حميد نوري أثناء رحلة إلى السويد، ووثقت محكمة سويدية شكاوى ووثائق وشهادات عدد من الشهود الذين أكدوا تورطه في الإعدامات الجماعية للسجناء السياسيين في 1988. وقد تم تمديد اعتقاله عدة مرات.
وكان من المقرر سابقًا عقد محاكمته في 8 يونيو (حزيران) 2021، ولكن بناءً على طلب محاميه وبموافقة المدعي العام والمحكمة السويدية، تم تأجيل المحاكمة لمدة شهرين، وبدأت جلساتها في 10 أغسطس الجاري، ومن المقرر أن تعقد الجلسة النهائية في 25 أبريل (نيسان) 2022.
وأثناء اعتقال حميد نوري في السويد، اتخذت السلطات الإيرانية إجراءات لتأمين الإفراج عنه، لكن مكتب المدعي العام السويدي أصدر لائحة اتهام ضده، وأحال قضيته إلى المحكمة.
وفي الجزء الأول من هذه المحاكمة، ستنظر مجموعة من الباحثين والخبراء في إعدام السجناء السياسيين، لا سيما الإعدام الجماعي لآلاف السجناء السياسيين في صيف عام 1988.
وفي أجزاء أخرى من المحكمة، من المقرر أن يمثل حوالي 100 مدّعٍ أمام المحكمة، وبعد ذلك تدعو المحكمة عشرات الشهود للإدلاء بشهاداتهم.
وتضمنت لائحة الاتهام، التي نُشرت يوم الثلاثاء 27 يوليو (تموز)، الإشارة إلى أمر المرشد الإيراني آنذاك، روح الله الخميني، بإعدام السجناء السياسيين في صيف عام 1988، وجاء في هذه اللائحة أن العديد من هؤلاء السجناء قد أُعدموا في سجن كوهردشت في كرج بين نهاية يوليو إلى بداية سبتمبر 1988. كما اتُهم حميد نوري بالتعذيب والمعاملة اللاإنسانية للسجناء.
وبحسب لائحة الاتهام، يعتقد المدّعون أن هناك علاقة بين الصراع المسلح للمجاهدين ضد الجمهورية الإسلامية في ذلك الوقت وعمليات الإعدام الجماعية، وبالتالي فإن القتل يعتبر انتهاكًا للقانون الدولي و"جريمة سافرة".
وجاء في لائحة الاتهام تحت "جريمة قتل": قرر قادة النظام الإيراني منذ فترة طويلة إعدام جميع السجناء السياسيين في سجون إيران ممن ينتمون لمجموعات يسارية مختلفة، وقد تم إعدام عدد كبير من هؤلاء السجناء في سجن كوهردشت بكرج خلال بضعة أيام في هذه الفترة.